بيان مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية الى حجاج بيت الله الحرام

اصدرت مؤسسة الامام الشيرازي العالمية في واشنطن بياناً هاماً الى حجاج بيت الله الحرام اكدت فيه على تشجيع نهج عولمة الإسلام، كدين ونظام عالميين، له قدرة الحركة والانتشار في الساحة المكانية والمسافة الزمنية وكذلك التذكير بالمقامات المقدسة، في أم القرى وما حولها، كالكعبة المشرفة، ومسجد الرسول، ومشاهد الأنبياء والمرسلين والأئمة الهداة وفيما يلي نص البيان :

 

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان أداء مناسك فريضة الحج

 ( لَبَّيكَ اللهُمَّ لَبَّيك، لَبَّيكَ لا شَريك لَكَ لَبَّيك، إِنَّ الحمدَ وَالنِّعمةَ لَكَ وَالمُلك، لا شَريكَ لَك)

تحية طيبة إلى جميع البشرية في مشارق الأرض ومغاربها.

وسلاما دائما لكافة مسلمي العالم.  

واحتراما وافرا لكم يا حجاج بيت الله الحرام.

في كل عام من أشهر الحُرم الثلاث، شوال، وذي القعدة، وذي الحجة، يتوافد المسلمون من أطراف العالم وأكنافه، إلى أم القرى، وبيت الله الحرام، أول بيت وضع للناس كافة،  حيث مركز التوحيد والعبادة، ومهبط الوحي ومختلف الملائكة، وحيث مقام الأنبياء والمرسلين، مقام سيدنا إبراهيم، ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لأداء فريضة الحج، أحدى الفرائض الإسلامية المهمة، التي يتوجب على المستطيع أدائها من غير تكلفة أو ضيق.

إذ المعروف عند المسلمين، أن لفريضة الحج شروط ومراسم محددة، يجب أن يؤديها الحجاج على وجهتها الصحيحة، مثل الإحرام عند المواقيت الخمسة، الذي هو امتناع الحاج عن القيام بإعمال حرمها الشارع المقدس عليه، حتى أداء مراسيمه وأعماله، والتلبية بان يقول:( لَبَّيكَ اللهُمَّ لَبَّيك، لَبَّيكَ لا شَريك لَكَ لَبَّيك، إِنَّ الحمدَ وَالنِّعمةَ لَكَ وَالمُلك، لا شَريكَ لَك) ولبس ثوبي الإحرام، يأتزر بأحدهما ويرتدي الآخر، والطواف حول الكعبة الشريفة بشروطه الشرعية وصلاته، والسعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط، والتقصير، أي قص شعر الرأس، وغيرها من مراسم الحج المتنوعة. 

في خلال هذا السفر الإلهي العظيم، تنشأ للحاج علاقتان متميزتان، علاقة معنوية روحانية ربانية حيث ارتباط الحاج بربه الكريم، وعلاقة إنسانية اجتماعية تواصلية حيث ارتباط الحاج مع أخوته الحجاج. والجهات المعنوية للحج كثيرة: مثل أخلاص النية في أداء مناسك الحج، وبذل العمل والطاقة، وتوحيد الله في الباطن والظاهر، ونبذ الشرك والكفر بجميع الجوارح، وتجديد العلاقة مع السماء، وتأكيد الارتباط بالقيم الإلهية، فالطواف حول بيت الله، مؤشر لعدم الالتفاف حول غير الله، ورجم العقبات رجم للشيطان والطغيان، فالحج في حقيقته سفر العبد التائب إلى المولى الكريم، لقاء بين العاشق والمعشوق، لقاء التوحيد والتحرر من قيود العبودية وطاعة الشيطان، لقاء الارتباط بالقوى الإلهية، وبحبل الله المتين، فهناك في الأماكن الكريمة، والمقامات الكريمة، لا يجد المرء إلا المغفرة والعطاء والثواب الجزيل.

 أما الجهات الاجتماعية، فمنها: أن الحج مرة وحدة من كل عام، ولعلها مرة واحدة في العمر، فيها يجتمع الوافدون بأناس من بلاد ثانية، سمعوا باسمها، أو لم يسموا، فيتعارفوا ويتصادقوا، ثم يتبادلوا الآراء والأفكار، عن أحوال بلادهم ودولهم، وعن تقاليدهم وعاداتهم، وعن أديانهم ومذاهبهم. وهو الاجتماع العالمي الأوحد، الذي يتوحد فيه المظهر والملبس والشعار، دون تفرقة في اللون أو اللغة أو البلد، ومنها: أن يلتفت الحاج أن من فلسفة فريضة الحج، إيجاد التفاهم والانسجام بين الوافدين إلى بيت الله، وترسيخ مبادئ الأخوة الإسلامية والإنسانية بين المسلمين، مع اختلاف ألوانهم ولغاتهم وبلدانهم، ودعوة الشعوب والقوميات والأمم إلى وحدة الكلمة، وإزالة الخلافات والنزاعات التي تنخر في جسد البشرية بلا طائل من ورائها،ٍٍ والتبادل الثقافي والفكري أثناء تأدية مراسم الحج، أو أثناء عقد المؤتمرات والندوات واللقاءات، وتقديم المعونات الاقتصادية للشعوب الضعيفة، ودعم المشاريع الإنسانية للقضاء على حالات التخلف والأمية والمرض… 

وحيث إن الحج من اكبر الفرائض الدينية والاجتماعية السنوية، وحيث إن الحج مؤتمر إسلامي مبارك، ينعقد في ارض مباركة، تحت رعاية سماوية كريمة، يلزم أن يحقق الحجاج أهدافه الإنسانية النبيلة على الصعيد النفسي والعبادي والاجتماعي من خلال:

* التبشير لفريضة الحج عن طريق فهم فلسفتها الإلهية، وشرح مضامينها وأبعادها المعنوية.

* التذكير بالمقامات المقدسة، في أم القرى وما حولها، كالكعبة المشرفة، ومسجد الرسول، ومشاهد الأنبياء والمرسلين والأئمة الهداة.

* تشجيع نهج عولمة الإسلام، كدين ونظام عالميين، له قدرة الحركة والانتشار في الساحة المكانية والمسافة الزمنية، فالإسلام لم ينزل على شعب دون شعب، ولا على قوم دون قوم، ولا على أهل بلد دون البلاد الآخرين، إنما هو دين لهداية البشرية جمعاء. 

* التأكيد على أن الإسلام، دين الثقافة الحية البناءة، يوفق ويلاءم بين الأفراد والشعوب والأمم على اختلاف منحدراتها وطبقاتها، دون فوارق اللون واللغة والإقليم.

* التأكيد على أن الإسلام، دين يوثق العلائق الأخوية مع البلدان الأخرى الملتزمة بالتعايش السلمي.

* نشر ثقافة اللاعنف والتسامح الاجتماعي في العلاقات الإنسانية المختلفة.

اللَّهم وفِّقنا لحج بيتك الحرام، وزيارة قبر نبيك (صلى الله عليه وآله وسلم)  والأئمة (عليهم السلام)، وتفضل على الحجاج بالقبول، إنك أنت القريب المجيب.

مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية

الولايات المتحدة الأمريكية – واشنطن

السيد مرتضى الشيرازي