رسالة مؤسسة الإمام الشيرازي الى قادة المجتمعات الإسلامية ومفكريها ونخبها .. ما بعد كورونا

رسالة مؤسسة الإمام الشيرازي الى قادة المجتمعات الإسلامية ومفكريها ونخبها .. ما بعد كورونا

بسم الله الرحمن الرحيم

إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ  (140) (آل عمران) صدق الله العلي العظيم

كثيرة هي براهين وآيات الله في أرضه وسماءه، تدعو عباده إلى صراط مستقيم، أن تبع نال بني آدم هدى ورحمة وعيش رغيد، الا ان هوى النفس وحبائل الشيطان لطالما دفعت الكثير صوب متاهات الثبور والخسران في الدنيا حاضرة والآخرة عاقبة.

وما يجتاح البسيطة وشعوبها من مهلكة تمثلت بما يعرف بجائحة كورونا، التي لم تثتثني براثنها أبناء عرق دون آخر، أو أصحاب معتقد عن سواهم، او عربي دون أعجمي، ما هي إلا دليلاً قاطعاً وبرهان بيّن على أن البشر بحاجة مستدامة إلى التراحم والتواصل والتعاون فيما بينهم دون أي عارض، فلا حدود يجب أن تمنع، أو قوانين تحتم أن تتبع، الا في سبيل تذويب الفوارق الاجتماعية التي وضعها الإنسان دون وجه حق، سوى التمييز والعنصرية والتعالي بين قوم أو أمة على نظيراتها.

لقد أثبتت جائحة كورونا أن العالم بحاجة إلى العودة والمراجعة في مجمل قوانينه وسننه وإجراءاته التي انتخبها بدوافع أنانية وتمييزية بين البشر، والوقوف على مكامن الخطايا الكبرى التي ارتكبت تحت عناوين براقة تخالف في مضمونها وتفاصيلها حقوق الإنسان الحقه، التي تؤمن أن لا فرق بين ابيض أو اوسود أو قومية عن سواها أو معتقد دون آخر.

لقد برهنت أزمة جائحة كورونا أن الإنسان بحاجة لأخيه الإنسان، وأن التضامن والتكاتف أفضل السبل أمام البشرية في مواجهة الشدائد والرزايا، وأن الفروقات التي وضعتها المصالح الضيقة والاجندات السياسية ساهمت بشكل كبير في عرقلة التنمية والازدهار الإنساني بشكل ملحوظ في الجزء الأكبر من العالم، أن لم تسهم تلك السلبيات في دمار شعوباً كثيرة على شكل حروباً ومجاعات واوبئة فتاكة.

أن مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية تضع رسالتها اليوم بين أيدي قادة المجتمعات الإسلامية ومفكريها ونخبها والمؤثيرين في صناعة القرار، للتأمل والتفكر فيما انزوت إليه بلداننا الإسلامية على وجه الخصوص من تدهور اقتصادي واجتماعي وانساني بسبب الحدود المصطنعة التي رسمتها الدول الاستعمارية لتحقيق مآرب مكشوفة، انعكست على صور معاناة استهدفت بشكل حصري ومباشر الشعوب والأفراد في العالمين الإسلامي والعربي.

إذ تحتم تلك الارهاصات المؤلمة على كل فرد يتمتع بحس من المسؤولية أن يسعى ويبادر وضع حلول تتدارك الانحدار الإنساني والإسلامي الحاصلين، وذلك من خلال بلورة رؤى و سن قوانين عابرة للمصالح الضيقة مرتكزة على أسس إنسانية إسلامية شاملة تسهم بشكل حقيقي بحماية حقوق الإنسان من انتهاك القوانين السياسية الوضعية السارية.

إذ باتت شعوبنا الإسلامية بحاجة إلى عدة إجراءات تقف في طليعتها حق التنقل للأفراد وحق السكن والعمل بصورة ميسورة وسهلة عبر رفع قوانين الاذونات والمنع المتبعة في كل دولة على حده، فضلاً عن إباحة التبادل التجاري والاقتصادي وتوفير عملة موحدة تزيل عقبة الانتعاش المالي وتحقق انتشار وانتقال سلس لرؤوس الأموال بما يعود بالمنفعة وجدوى اقتصادية، فضلاً عن أن تسهم تلك الإجراءات دون أدنى شك في الحد من الصراعات والحروب والمؤامرات السياسية.

والله ولي التوفيق