مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية تصدر بيانا هاما بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة

 

– ان مما لا شك فيه أن العنف ضد المرأة واحد من أكثر الظواهر الاجتماعية المزرية انتشارا بين سكان دول العالم.

– إن القانون الإسلامي يحرم العنف الجسدي والجنسي والنفسي بين أفراد المجتمع الإنساني، سواء وقع العنف في إطار الأسرة.

– لقد ساوى الإسلام بين المرأة  والرجل من حيث إنسانية كل منهما،  ففوت الفرصة على إهانة المرأة وتضييع حقوقها والتعامل معها بالعنف.

– يرى الإمام محمد الحسيني الشيرازي أن من أهم قواعد اللاعنف الاجتماعي الإسلامي هو التأكيد على اللاعنف في الأسرة، سواء بالنسبة إلى الزوجين أم الأولاد أم الأبوين أم سائر الأرحام والأقارب.

اصدرت مؤسسة الامام الشيرازي العالمية في واشنطن بيانا بمناسبة اليوم العالمي  للقضاء على العنف ضد المرأة وفيما يلي نص البيان:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

  أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، ودعت الحكومات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية إلى تنظيم أنشطة وفعاليات في ذلك اليوم تهدف إلى زيادة الوعي العام للتعامل الإنساني مع المرأة (القرار المؤرخ 17 كانون الأول/ديسمبر 1999).

 ويعني مصطلح العنف ضد المرأة  في الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة ” أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل ان ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحريـة،  سواء أوقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة ” .

ومما لا شك فيه أن العنف ضد المرأة واحد من أكثر الظواهر الاجتماعية المزرية انتشارا بين سكان دول العالم، لا سيما البلدان الغربية. فلقد أشارت عدة دراسات ميدانية لمنظمات إنسانية غير حكومية أن امرأة واحدة على الأقل من كل ثلاث، تتعرض للضرب أو للإكراه والإهانة في كل يوم من أيام حياتها. كما ذكرت منظمة الصحة العالمية بأن قرابة 70% من ضحايا جرائم القتل من الإناث يُقتلن على أيدي رفاقهن الذكور. وتمثل النساء والأطفال قرابة 80% من القتلى والجرحى من جراء استخدام الأدوات الجارحة والأسلحة , حسبما ذكر الأمين العام للأمم المتحدة. وفي كل عام تتعرض ملايين النساء والفتيات للاغتصاب على أيدي رفقائهن الذكور, أو أقاربهن, أو أصدقائهن أو أشخاص غرباء, أو على أيدي أرباب العمل أو الزملاء, أو الجنود, أو أفراد الجماعات المسلحة.

 لقد كانت المرأة في العصور القديمة والوسطى محلا للاعتداء والعنف والمعاملة اللاإنسانية؛ فهي إما سلعة تبتاع وتشترى، وإما مواطن من الدرجة الثانية وظفتها الإنجاب وتربية الأولاد الأقوياء. وقد اعتبرت الفلسفات الغربية والشرقية المرأة شيطانا لابد من حرقه، أو هي قرينة شيطان حظها من الدنيا حطامها.

وبحسب الإمام الشيرازي، فانه جاء في التاريخ:( بأنّ المرأة في اليونان القديم كانت تعدُّ كالبضائع والسلع التجارية لا أكثر، فكانت تباع وتشترى في الأسواق، مضافا إلى أنه لم يكن لها حق الحياة بعد وفاة الزوج فإنّهم كانوا يقتلون زوجة الرجل بعد موته.وكان المجوس بعد انحراف دينهم ـ حيث كانوا من أهل الكتاب فقتلوا نبيهم وأحرقوا كتابهم ـ إذا مات الملك أو الأمير أو ما أشبه ذلك قتلوا زوجته ثمّ أحرقوها مع الزوج، وفي بعض الأحيان تجدهم لا يحرقون أيّاً منهما وإنّما يدفنوهما معاً).

  وليس تاريخ المرأة بأسوأ من حاضرها ومستقبلها؛ فهي اليوم تكاد تكون سلعة رخيصة تتقاذفها شهوات الرجال وأهوائهم، وتتلاعب بمصيرها  أطروحاتهم الضالة، تلك الاطروحات التي حطمت في المرأة أنوثتها، وقتلت فيها شرفها وعفتها. ومازال الحال على ما هو عليه.

ولم تشذ البلدان ذات الأكثرية المسلمة عن المعاملة غير الإنسانية للمرأة، كضربها وحبسها وقتلها وتزويجها قسرا من غير رضاها، وذلك تطبيقا للعادات والتقاليد الاجتماعية الجافة التي سادت العالم الإسلامي في القرون المتأخرة بعد أن ابتعد المسلمون عن تطبيق الإسلام، دينـا وشـرعة ومنهجـا، واحتكموا إلى قوانين ما أنزل الله بها من سلطان.

إن القانون الإسلامي يحرم العنف الجسدي والجنسي والنفسي بين أفراد المجتمع الإنساني، سواء وقع العنف في إطار الأسرة ، أو في إطار المدارس والمؤسسات التعليمية،  وسواء كان في المصانع والمعامل أو في الشوارع والحدائق، بما في ذلك الضرب المبرح ، والاغتصاب وبتر الأعضاء والاتجار بالمرأة والبغاء، بل والتحرش والقول البذيء، وسواء كان العنف في حالات السلم أو حالات الحرب والنزاع المسلح.

   ولا فرق في الإسلام بين من صدر منه العنف رجلا كان أو أمراة، شخصا عاديا، أو مسؤولا في الدولة. وتتضاعف المسؤولية في نظر المشرع الإسلامي فيما لو ارتكب العنف ضد الفئات الاجتماعية الضعيفة، مثل الطفل والمرأة والعاجز. لقد حرم القانون في الإسلام تحريما مطلقا قتل الجنين ذكرا أم أنثى انطلاقا من أن حياة الإنسان محترمة ومصونة، ولو كان جنينا في بطن أمه.

  لقد ساوى الإسلام بين المرأة  والرجل من حيث إنسانية كل منهما،  ففوت الفرصة على إهانة المرأة وتضييع حقوقها والتعامل معها بالعنف، قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْس وَاحِدَة وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيراً وَنِسَاءً) .

يرى الإمام محمد الحسيني الشيرازي أن (من أهم قواعد اللاعنف الاجتماعي الإسلامي هو التأكيد على اللاعنف في الأسرة، سواء بالنسبة إلى الزوجين أم الأولاد أم الأبوين أم سائر الأرحام والأقارب.

فإن الأسر كانت في عهد الجاهلية الأولى تئنّ من ويلات البطش والعنف الذي يصبّه بعض الرجال على عيالهم، فجاء الإسلام الحنيف ورفع قيود العنف وأخذ يدعو إلى اللين والرفق في التعامل الأسري، فالإسلام جاء وطرح أسلوبه الإلهي في تنظيم الأسرة، الأمر الذي أخذ بيدها نحو التكامل والسداد، والرأفة والمحبة، بعد أن كانت غارقة في أوحال الرذيلة والفساد، والخشونة والعنف).

وبمناسبة  اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة فإننا ندعو إلى:

– تشجيع ودعم المؤسسات والتنظيمات التي تشكلها المرأة من اجل المشاركة في العمل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي للدفاع عن حقوقها وتنظيم نفسها.

– دعم مشاركة المرأة في مراكز القرار  والسلطة والحكم كشريك فعال في تنمية العملية السياسية.

– نشر ثقافة اللاعنف الاجتماعي بدلا عن ثقافة العنف. فمن بين الأسباب التي تقف وراء العنف ضد المراة هي  ركائز  الثقافة الاجتماعية التي تطبع عليها أفراد المجتمع ، فالمرأة في المجتمع الغربي مثلا أكثر عرضة من المراة في المجتمع الإسلامي من حيث الاعتداء على أنوثتها، لان القيم الإسلامية تؤسس لثقافة (عفة المرأة) فيحميها ويصونها من الانتهاك والعنف.

– إقامة دورات تحث على ثقافة ( المرأة كل المجتمع) وهي اساس المجتمع، وهي ام المجتمع .

– الرأفة بالمرأة والعفو عن أخطاء قد يصدر عنها والتعامل معها بالتي هي أحسن، فإنّها بحسب ديننا وشريعتنا ريحانة وليست بقهرمانة.

– الإحسان إلى المرأة وعدم غصب حقوقها. فقد قال الرسول صلى الله عليه وآله:  (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).

– مداراة  المرأة، فلا يخفى إنّ للمداراة أثراً كبيراً في حفظ النظام الأسري، فالأسرة التي تسودها المداراة تجدها غالباً ما تتجاوز المشاكل والمشاحنات …

– المغفرة للمرأة حتى وإن كانت سيئة الخلق ، فانّ اللاعنف واللين يقودانها في النهاية إلى التراجع نحو الخير والمحبة.

– تحريم شرب  الخمور والكحول التي تذهب بعقول الإنسان وتشجع على ممارسة العنف ضد الضعفاء من الناس والتي تعطي دافعا وحشيا للانتقام من الضعفاء.

– كما إننا ندعو إلى تحريم بيع أو نقل أو الاتجار بالنساء لأي غرض كان ، وندعو إلى تغليظ عقوبة الاعتداء على النساء وتعزيز دور الأسرة والمجتمع والدولة.

وبعد كل ذلك، نؤكد أن المرأة هي المسؤولة عن أخذ حقها والمطالبة به، وهي التي بسعيها وثقافتها والتزامها باحترام ذاتها وخصوصيتها، تستطيع الوصول إلى أهدافها وطموحاتها التي تنسجم مع وظفتها كمربية ماهرة للأجيال القادمة .

 

مؤسسة  الإمام الشيرازي العالمية

الولايات المتحدة الأمريكية – واشنطن

السيد مرتضى الشيرازي