بيان مؤسسة الامام الشيرازي العالمية بمناسبة ايام الحج العظيمة

دعت مؤسسة الامام الشيرازي العالمية الى تطبيق بعض الاهداف السامية في شعيرة الحج. ومنها: المبالغة في مجاهدة النفس، الانتفاع من فوائد هذا الموسم ومن اجتماع المسلمين، التقرب من بعضهم البعض في الهموم والتطلعات، العمل على تجديد الإخوة في الله سبحانه وتعالى بين مختلف الطوائف الإسلامية، ، العمل على تحقيق اساليب اللين والرفق واللاعنف في تعامل جماعات وفئات المسلمين فيما بينهمالدفاع عن المظلومين كافة من مختلف جماعات المسلمين.

haj-photography-5

بيان مؤسسة الامام الشيرازي العالمية بمناسبة ايام الحج العظيمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد واله الطاهرين
(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) سورة الحج.
إن أيام الحج من أيام الله المشهودة، وإنها أيام جمعت من العبادات ما شاء الله – عز وجل – وللحاج فيها من الأجر والثواب بحيث يرجع الحاج كيوم ولدته أمه بصحيفة بيضاء خالية من الذنوب، (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)(32)سورة الحج.
ففي مثل هذه الأيام تتوافد أعداد مليونية ومن كافة أصقاع الأرض متوجهةً إلى البقاع المقدسة إلى بيت الله الحرام لأداء تلك الشعيرة المباركة التي فرضها الله على المؤمنين من عباده، والتي أراد الله سبحانه وتعالى من خلالها أن يجتمع أكبر عدد من المسلمين في مكان واحد وفي زمان واحد متطلعين إلى يوم تشرئب فيه الأعناق (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88) إِلاّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)(89) سورة الشعراء، لتتجسد الروح العبادية الإيمانية لديهم وليقولوا للآخرين إننا أمة واحدة جئنا إلى هذا المكان الطاهر لنعبر عن أخوتنا وتلاحمنا في الله، متضرعين إلى الله أن يغفر لنا وينجينا من العذاب،(وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)(147)سورة آل عمران.
أخوة سواسية يقف فيهم الأبيض إلى جانب الأسود والغني إلى جانب الفقير والرئيس إلى جانب المرؤوس، حيث تتجسد روح الاسلام الحقيقية في المساواة والمحبة والرحمة الانسانية.
ونحن نعيش هذه المناسبة الدينية المباركة نوصي جميع الحجاج حفظهم الله أن يراعوا ما يلي:
1- المبالغة في مجاهدة النفس وهم يؤدون مناسكهم، ليكون الحج عملية تطهير للنفوس وتنقية للقلوب، وأملنا كبير فيهم أن يكونوا عند حسن ظن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمة أهل البيت(عليهم السلام) والإمام صاحب العصر و الزمان – عجل الله فرجه الشريف- الذي يحضر بينهم ويسمع حديثهم ويراهم رأي العين، وهذا ما أوصى به المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد  صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) بالقول (ويلزم أن نعمل ونسعى لكسب رضا إمامنا المهدي المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف وأن نكون من الممتثلين لأوامره في عصر غيبته أيضاً؛ لأنّ أوامره هي أوامر آبائه الطاهرين وأوامر جدّه الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله وأوامر الله تعالى، صحيح أنّ القيام بالطاعات والانتهاء عن المعاصي والصبر عليها ليس بالأمر السهل دائماً، ولكن من دون ذلك لا يتحقّق رضا الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف ولا تستجاب الدعوات).
2- الانتفاع من فوائد هذا الموسم ومن اجتماع المسلمين في هذه البقعة الشريفة، فقد فرض الله سبحانه وتعالى العبادات على عباده المؤمنين امتحانا لطاعتهم وإظهاراً لعبوديتهم وشكرهم وتحقيقاً لمصالحهم ومنافعهم العاجلة والآجلة في الدنيا والآخرة، وقد أشار الله عز وجل عند ذكر الحج في القرآن الكريم إلى وجود منافع للناس وفوائد لهم فيه، حيث قال تعالى 🙁 ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير )(28) الحج.
3- التقرب من بعضهم البعض في الهموم والتطلعات، وأن يتعرض المسلم لنيل رحمة الله والحصول على رضاه ومغفرته، ويعود إلى موطنه الذي خرج منه نقيّاً من الذنوب كيوم ولدته أمه، فالبراءة من الآثام في موسم الحج تجدد العزيمة في النفس والأمل في تحقيق الاستقامة، وتبعد عنه اليأس والقنوط والاستمرار في الضياع والبعد عن الله عز وجل.
4- العمل على تجديد الإخوة في الله سبحانه وتعالى بين مختلف الطوائف الإسلامية متأملين قوله تعالى (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (43) سورة الأعراف.
5- العمل على تحقيق اساليب اللين والرفق واللاعنف في تعامل جماعات وفئات المسلمين فيما بينهم، فان التنازع والتكفير والتهميش والاقصاء وظلم المسلم الآخر يخالف اهداف الحج العظيمة، ويا لها من فرصة ومغتنم كبير لرفع الاحقاد واستئصال الكراهية.
6- الدفاع عن المظلومين كافة من مختلف جماعات المسلمين، فلا يجوز اسلوب الازدواجية حيث يتم الدفاع عن فئة من المسلمين وعدم الدفاع عن أخرى وهو ما يناقض ما دعا اليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد قال الإمام محمد بن علي الباقر عليهما السلام:  قال جدي رسول الله صلى الله عليه وآله:… ألا وان ود المؤمن من أعظم سبب الايمان… الا وان المؤمنين إذا تحابا في الله عز وجل ، وتصافيا في الله ، كانا كالجسد الواحد إذا اشتكى  أحدهما من جسده موضعا، وجد الآخر ألم ذلك الموضع .
دعاؤنا للحجاج جميعاً بالسلامة ذهاباً وإقامةً وإياباً، سائلين الله عز وجل أن يتقبل أعمالهم في طوافهم وسعيهم وتلبيتهم ودعائهم.
مؤسسة الامام الشيرازي العالمية
ذي الحجة ١٤٣٢ من الهجرة