شبكة النبأ: احيت الكويت الذكرى السادسة لرحيل المرجع الديني والمجدد الثاني الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) حيث أشاد عدد من رجال الدين والشخصيات الإعلامية والاجتماعية بالدور الكبير لسماحة السيد محمد الشيرازي في كافة المجالات الدينية والاجتماعية والثقافية وحتى الوطنية، وأشار هؤلاء في المجلس التأبيني السادس الذي أقيم على روح الفقيد الشيرازي بديوان الشيرازي صاحب مشروع اللاعنف، مشيرين الى انه سلطان التأليف حيث ألف أكثر من ألف كتاب و160 مجلدا فقهيا. بحسب نقل الصحافة الكويتية.
وقال سماحة الشيخ عبدالعظيم المهتدي من مملكة البحرين ان الباري عز وجل أراد للأمة الاسلامية ان تكون خير أمة عن طريق نبيها ورسولها الأكرم صلى الله عليه وسلم، وأضاف ان هناك رجالا نذروا أنفسهم لله تعالى تأسيا بالرسول عليه الصلاة والسلام.
وأشار ان الفقيد السيد الشيرازي وضع مبادئ لنهضة هذه الأمة معتمدا على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، واستطاع القفز على الحواجز التي اصطفت أمامه عن طريق المخططات السياسية في العراق وخارجه، مشيرا الى انه حقق نجاحا باهرا، وعاش من أجل رسالة الإسلام والمحافظة على عزها وإنقاذ هذه الأمة من الضياع والانهيار في أحضان الاستعمار، فكان مثالا للمرجع النهضوي التقدمي.
وقال الشيخ المهتدي: لا بد ان نتوقف قليلا لنتذكر العظماء الذين غيروا مجرى التاريخ، خصوصا ان نهضة الامم برجالها وان الامة التي تتخلف عن رجالها النهضويين تتخلف هي الاخرى.
واضاف: ان في هذه الذكرى نريد ان نتذكر احد رجال هذه الائمة وهو الفقيد السيد محمد الشيرازي، حيث عومل وعامل أثناء بداية وقفاته التاريخية من أجل تأسيس امة ناهضة ومتميزة، وعلى الرغم من المضايقات التي صادفته اثناء طريقه، وكل منصف عندما يقف امام هذه الشخصية الفذة لا يملك الا ان يعترف بانه خير قدوة لمن كان مقتداه رسول الله.
وقال المهتدي انه عندما انطلق في مسيرته في كربلاء في العراق واسس تأسيسا اصيلا يعتمد على القرآن والسنة النبوية، على الرغم من المخططات التي كانت تحاك ضده ومع ذلك نجح بكل المقاييس وفوق كل الحواجز التي وضعت امامه.
وقال الشيخ المهتدي: ان المرجع الديني الفقيد السيد محمد الشيرازي بكل كتبه ومنها موسوعته الفقهية المؤلفة من 160 مجلدا وغيرها من الانجاز يمكن ان يقال انه ذاك الرجل الذي لا بد لكل الرجال ان يقفوا بين يديه بكل اجلال لهذه الشخصية الممتازة. وكل فترة نكتشف في هذه الشخصية امورا جديدة.
وبين المهتدي ان ما نحتاجه اليوم رجالا يحركون دماء هذه الامة للوصول الى مواقع الفوز والانجاز، ونحتاج الى قراءة في شخصياتنا واكتشاف مكامن النجاح فيها.
واوضح المهتدي انه لابد للعلماء والكتاب المثقفين ان يربطوا بين هؤلاء المراجع المخلصين وبين هذه الامة الضائعة وذلك للوصول إلى الأمل، وكما كان الرسول والائمة الطاهرون في ذلك المكان والموقف وهم احياء في هذه الامة التي نحتاج إلى العودة اليهم، والفقيد الشيرازي نستطيع ان نقرأه في كل زمان ومكان.
وفي كلمة للأسرة الشيرازية بدأ سماحة آية الله السيد مرتضى الشيرازي نجل الامام الراحل بالآية المباركة (وألقيت عليه محبة مني ولتصنع على عيني)، مشيرا الى الفقيد كان محبوبا بين الناس وكذلك تميز بالزهد والتواضع وكان علما ساطعا خلال حياته، فأحبه الجميع وكان يحب الجميع لتمتعه بكافة الصفات الحميدة، كما كان زاهدا رغم مرور الملايين من الدنانير بين يديه، وكان قريبا من هموم الأمة وكانت حياته سلسلة متصلة لمقاومة الاستعمار.
وقال: ان هناك من اطلق عليهم القادة الربانيين ومن صفاتهم تلك التي حظي بمحبة القاها الله سبحانه تعالى عليه فأصبح محبوبا من الناس، ليس بما يمتلكه من ثروة او منصب، وانما هي محبة تنبع من ارادة الله تعالى وهذا هو ايضا حال الائمة الطاهرين، الذين اصبحوا من حب الناس لهم خالدين على مر التاريخ، وعلى الرغم مما يفعله التكفيريون من تشويه وهدم وانما فشلوا في الغاء حب الناس للائمة لان هذا الحب إلهي.
واضاف الشيرازي: ان هذه الصفة كانت موجودة لدى الفقيد الذي كلما قابله شخص حتى وان كان مشبعا بالاشاعات يخرج منه وقلبه مملوء بحب الفقيد، حيث كان يتمتع بهذه الصفة الآلهية لانه كان يتمتع بصفات منها.
وأضاف انه بعد وفاة الفقيد لاتزال افكاره واطروحاته متواجده بين أيدي المؤمنين وغيرهم لأنه أخلص وجند كل طاقاته للدفاع عن الإسلام، فكان رجل التحديات الصعبة وكانت طموحاته ان يهدي كافة المشركين بالدخول في دين الإسلام.
واضاف: كان الامام الشيرازي سلطان المؤلفين فكل من كان يدخل عليه حتى لو كان مشبعاً بالكراهية والشائعات كان يحبه وحيث ان الله القى عليه محبة منه لانه كان زاهداً ورغم مئات الملايين التي مرت عليه توفي وهو لا يملك داراً وكل ما كان يملكه ملابسه وبعض حاجياته وكان قريباً من هموم الناس مقارعاً للاستعمار وأذنابه ومحارباً للاستبداد بكل صوره رغم انه دفع كثيراً ضمن الثمن من نفسه واهله وجماعته ومقلديه.
واشار الى ان الامام الشيرازي كان من الناس الذين صنعوا برعاية خاصة من الله في ولادته وحياته ووفاته مبيناً ان دفاع الامام الشيرازي عن الشريعة والنبي واهل بيته صلى الله عليه وسلم وتجنيد طاقاته لها هو سبب انتشار كتبه وطروحاته اكثر واكثر بعد وفاته.
وأوضح ان خمس فضائيات أسست بفضل جهود واطروحات الامام الراحل فهو بحق مجدد القرن ورجل المهمات الصعبة ورجل متعدد المواهب والابداعات وقد تجلى ذلك في موسوعته الفقهية ومؤلفاته التي تجاوزت الألف كتاب.
وختم نجل الامام الشيرازي الراحل كلمة الاسرة بقوله: كانت للامام طموحات كثيرة من اهمها ان يهدي كل المشركين الى دين الله وان تجسد كل حكومات العالم حكومة رسول الله وتبنى على التفويض والمحبة التفويض للناس والمحبة من الناس حتى اعدائها لانها نبعت منهم.
من جهته اشار ازهر الخفاجي من العراق الى خمسة عوامل تتواجد في العلماء والفقهاء لاحياء ذكراهم وهي العلم والاخلاص، والمشروع النهضوي وتطبيقه والاتصال بالجماهير مشيرا الى ان هذه العوامل تواجدت في الفقيد، لانه كان من سليل اسرة اسست الحوزة العلمية في سامراء وتصدت لقضية «التمباك» وتصدت ايضا لثورة العشرين، كما انه عاش القضية الفلسطينية والنكبة واهتم بالساحل الغربي لافريقيا اضافة الى اندونيسيا وبورما، كما اعطى اهتماما واسعا لافغانستان عند الاحتلال الروسي ثم «الاحتلال» الطالباني، واشار سماحته الى ان اسرائيل ستهزم على يد ابناء جنوب لبنان، وانه حذر العراق والمراجع العظام من عودة حزب البعث، عندها تعرض لثلاث محاولات اغتيال والله انجاه.
واوضح الخفاجي بان الفقيد جاء الى الكويت التي احتضنته مشكورة رغم اختلاف المعادلة السياسية حيث انه كان يواجه حكما بالاعدام في العراق وايران، موضحا بان جميع العلماء والفقهاء الذين كانوا يناصرون الفقيد الشيرازي قتلوا اما بالسم او في سجون البعث.
وزاد الخفاجي ان لحزب البعث منظومات سرية، حيث استعان بجماعات تكفيرية بعد الانتفاضة الشعبانية، وانه تم اكتشاف 400 مقبرة جماعية في الاراضي العراقية، كما استعان البعث بالفتاوى التي دمرت العراق، حيث وصل عدد القتلى عام 2006 الى 650 الف قتيل، واكد بان الخلاف في العراق يتمحور في القوى الإرهابية وقوى البعث والاحتلال وان هذه الاقطاب الثلاثة سبب الخلاف بين السنة والشيعة.
وقال الخفاجي بان المنطقة تمر بمرحلة حساسة وخطيرة، لذا فان الشعب العراقي يستحق من الشعوب العربية والاسلامية العون لانقاذه من الفتاوى التكفيرية وحزب البعث الذين يصدرون التكفيريين الى خارج العراق حيث انهم تواجدوا في النهر البارد وحصل ما حصل.
واختتم الخفاجي حديثه بالقول بان المصالحة مع البعثيين تعني اعادة الخطر على العراق والكويت حيث يعتبر حزب البعث الكويت العدو الثاني له بعد الشعب العراقي.
بدوره قال الناشط السياسي خليل الصالح بان الفقيد السيد الشيرازي عاش في الكويت تسعة اعوام وكان ديدنه العمل الميداني والثوري لما تتطلبه الحياة في العراق ولكن تغيرت فلسفته في الكويت وقدم نموذجا جديدا في حياة علمية بسيطة وتمثل في العمل المؤسسي والعلاقات الاجتماعية اضافة الى العمل الميداني لعمل الخير واتصاله بالمراجع والفقهاء في الكويت، واعتمد على الشورى والتعددية السياسية والوحدة والحوار والتسامح وخاصة في مشروعه اللاعنف.
واختتم الشيخ حسن الخويلدي من المملكة العربية السعودية كلمته في حفل تأبين بان السيد الشيرازي بوصفه انه كان الرجل المعجزة في كل مواقعه عن طريق كتاباته ومؤلفاته وسلوكه وطريقة حياته، كما كان المجدد والمغير، وكان لا ينسى المودة والمحبة للاخرين، وعاش مع اهل البيت عليهم السلام في دمه وحسه وشعوره، ولم يستطع اي شخص الطعن في شخصيته وخلقه وعمله.
وأضاف ان الاستعمار فشل في تحطيم تلك الشخصية الفذة، بعد ان ادرك بانه الشخصية الخطرة على مشروع الشرق الاوسط الجديد المعتمد على الفرقة بين المسلمين وكذلك بين السنة والشيعة، فكان محور افشال مخططاتهم، واختتم حديثه بان السيد الشيرازي اهتم بهموم الامة عن طريق وحدة الامة ونبذ الخلاف، كما شارك الشاعر السيد محمد القزويني بابيات في هذه المناسبة.