بسم الله الرحمن الرحيم
ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا
صدق الله العلي العظيم
في هذه الآية الكريمة مصداق رباني للمكانة الفضلى التي أراد بها الخالق عز وجل للإنسان، مميز به عن كافة مخلوقاته بجملة من المقومات التي جعلت منه سيداً وخليفة في الأرض ليعمرها بالعقل والحكمة والرشد ويتولى شؤونه بالسعي والعمل.
ولقد الهم الحكيم العليم الإنسان و وضع له القواعد والأسس للعيش والحياة بمعية نظرائه من البشر، من خلال فطرة وغرائز طبيعية لتسهيل وتنظيم الحياة الاجتماعية.
وكان لتنظيم العلاقات الإنسانية ريادة وأولوية لدى الإنسان، إذ وضع القيم والقوانين والسياقات في التعامل والتبادل والمقايضة مروراً بالتطور البشري الذي أرسى القوانين الدولية لحماية وترتيب شكل العلاقات الإنسانية وصيانتها مادياً ومعنوياً.
وبطبيعة الحال كانت الشرائع السماوية في طليعة الأحكام التي تنظم العلاقات سواء بين البشر انفسهم أو بين البشر والمخلوقات الأخرى وحتى بين البشر والبيئة المحيطة.
وقد أفردت جميع تلك القوانين التي تبنتها الخليقة العاقلة سواء كانت شرائع سماوية أو قوانين وضعية، لحقوق الإنسان أصلا رئيساً ضمن سننها، كونها تعنى بإدامة العيش المشترك وتحرص على الامن والسلم العالمي.
إلا ان الجشع والطمع والمشاعر العنصرية وما لحق ذلك من ممارسات يقف وراءها التمييز السلبي أسهم ولا يزال في خلق المعاناة لشرائح اجتماعية واسعة ومختلفة في المجتمع الدولي كافة، الأمر الذي اسفر عن انتهاكات خطيرة تصل إلى مصاف الجرائم الدولية المصنفة عالميا.
ويلحظ ان اكثر شعوب الأرض تضرراً بخرق حقوق الإنسان على وجه التحديد تتمثل بدول الشرق الأوسط (مع الأسف) وهذا ما تظهر البيانات والدراسات الحقوقيّة المتواترة.
فالاستئثار بالسلطة والثروات والاستبداد والقمع والتغييب القسري والإعدامات إلى جانب الحروب المكلفة باتت تتسع بشكل فاق التصورات خلال العقدين الماضيين.
إذ تتجاهل العديد من الأنظمة السياسية في الدول المشار اليها القوانين الدولية الخاصة بحقوق الإنسان جملة وتفصيلا، فارضة القمع والتنكيل ومصادرة الحقوق العامة فضلا عن الجرائم السياسية كواقع حال تقف أمامه المنظمات الدولية عاجزة عن مكافحتها، فيما انخرطت الدول التي تدعي الديمقراطية ورعاية القوانين الدولية في صراعات فئوية أفضى بها إلى انحياز مذل للصمت وغض الطرف وفي بعض الأحيان التحريض غير المباشر لارتكاب الانتهاكات.
ومما تقدم تطلق مؤسسة شيرازي فاونديشن العالمية في اليوم الدولي لحقوق الإنسان تحذيرها لما قد تفضي اليه خاتمة الأمور على الصعيد العالمي، مطالبة من خلال هذه الرسالة الدول الديمقراطية الكبرى بمراجعة مواقفها وحساباتها، والعودة عن السياسات المتجردة من المعايير النبيلة والقيم الحقيقة لحقوق الانسان، والعمل بشكل جاد لوقف الانتهاكات الجارية.
والله من وراء القصد