بيان مؤسسة الامام الشيرازي العالمية حول ثورات الربيع العربي

وقد قال المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله ان الحكومة التي تبتني أساسها على الاستبداد وهضم حقوق الناس المشروعة هي حكومة زائلة وفانية لا محالة.

وقد جاءت ثورات الربيع العربي نتيجةً للعقود المظلمة التي قبعت بها شعوب تحت ظلم دكتاتوريات مقيتة أسست أركان حكمها خلف شعارات ومسميات ما أنزل الله بها من سلطان.

تلك الأنظمة الدكتاتورية لم تكن قادرة على البقاء والسيطرة على شعوبها الا من خلال إتباعها لمجموعة من الأساليب منها:

أولاً: إبعاد الشعوب عن كل ما من شأنه رفع درجة الوعي لدى المجتمع، وذلك بالإبقاء على حالة الجهل والأمية لدى أغلب شرائح المجتمع وبالتالي من السهل السيطرة على المجتمع الجاهل.

ثانياً: تشديد القيود على جميع منافذ الاتصال بالعالم الخارجي وجعل المجتمع منغلقاً ومنعزلاً عن المحيط الدولي وجعله ينظر إلى ما حوله من خلال عين الحاكم.

ثالثاً: إسناد تهم العمالة وإثارة النعرات الطائفية بوجه أي تحرك شعبي من شأنه المطالبة بالإصلاح والتخلص من الفساد ونيل الحرية والكرامة واحترام الحقوق والحريات المدنية.

رابعاً: العمل على إبعاد الشعوب عن النهج الإسلامي الحنيف كونه يشكل المصدر الرئيس لجميع الحقوق والحريات، وبالتالي يشكل الخطر الأول على الحكام الظلمة، والسعي لإشاعة الانحلال والتميع بين أغلب فئات المجتمع وبخاصة الشباب منهم.

خامسا: خنق الحريات السياسية والفكرية والاقتصادية والاعلامية والغاء كافة الجماعات والاحزاب والمؤسسات التي تمثل الشعب.

سادسا: مطاردة والكفاءات والعقول بما تسبب بهجرتها او اعتقالها والتنكيل بها.

وعلى إثر تلك العوامل والمعطيات شهدت البلدان العربية في الوقت الراهن انتفاضات شعبية غير مسبوقة وغير متوقعه من قبل الحكام ورجال السلطة وبخاصة الدول التي تعتبر نفسها ذات أنظمة حديدية.

ويرى المرجع الديني الراحل الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره): أن الانقلابات الاجتماعية التي تقوم بها أكثرية الناس تأتي من أسس ثلاثة: عدم الرضا بالحكم القائم، اليأس عن إصلاح الحكم القائم بسلام، والرجاء في تكوين نظام جديد يعطي آمال الناس، ويخفف من آلامهم.

وما إن تسارعت الأحداث كالنار في الهشيم حتى وجدت الأنظمة الدكتاتورية نفسها أمام حقيقة طالما حاولت تجاهلها؛ وهي رغبة الشعوب في نيل حريتها وحكم نفسها بنفسها مهما اجتهدت السلطة وتفننت في أدواتها القمعية، ومعها وجدت المنظمات والهيئات المدنية والحقوقية صعوبة بالغة في تغطية الاحداث ورصدها بشكل بصورة طبيعية لخشية الحكام من فضح المجازر التي يرتكبونها تجاه شعوبهم.

إننا ومن منطلق الايمان بحرية الانسان وكرامته ومهما كان دينه أو معتقده أو او عرقه او توجهه، ندين جميع اساليب العنف التي تمارها السلطات ضد الاحتجاجات الشعبية السلمية، كما ندين الازدواجية التي تتعامل بها بعض الدول تجاه هذه التحركات وذلك لتأييدها ومساعدتها لبعض التحركات حتى لو كانت مسلحة والتآمر على تحركات وإحتجاجات أخرى رغم طابعها السلمي وبدوافع طائفية أو سياسية بعيدة كل البعد عن روح الانسانية أو مبادئ العدالة الاجتماعية.

ومن هنا فأننا نؤكد على:

1- ضرورة الالتزام بالاساليب السلمية في المطالبة بالحقوق المشروعة والابتعاد عن ادوات العنف والعنف المسلح مما يؤدي الى تشويه حركة التغيير وتلويثها بالدماء.

2- من المهم ان تكون المطالبات ذات بعد اساسي يعتمد على تأسيس نظام شعبي قائم على الاستشارية والتعددية والتداول السلمي للسلطة واحترام حريات التعبير والعمل وحقوق الانسان، والا فان المطالبات السطحية ذات الوقت الآني قد تسقط النظام الحالي ولكنها قد تفتح الطريق لنظام مستنسخ على طريقة النظام البائد وان اختلف الشكل والمظهر. ويرى الامام الشيرازي (قدس سره) ضرورة توزيع القدرة في الفئات والمنظمات والأحزاب حتى لا تتمكن جماعة من استغلال الحكم وضرب الآخرين.

3- الانتباه الى بعض القوى المتطرفة التي تركب موجة التغيير وتقوم بقيادة ثورة مضادة بتحريك من دول استبدادية اخرى للوصول الى السلطة ومن ثم تفجير النعرات الطائفية وافشال حركة الربيع العربي.

4- ضرورة الابتعاد عن اساليب الانتقام والثأر التي ستسبب بإجهاض المطالب المشروعة وستؤدي الى نكسة الانتفاضة بعد تلوثها بالدماء.

ويرى المرجع الشيرازي دام ظله انه في أجواء الكبت والإرهاب والاستبداد والدكتاتورية تنمو الاتجاهات المتطرفة والحركات التدميرية، لذا يجب توفير الحرية للمجتمع، وإرساء دعائم العدالة الاجتماعية، وتوفير الفرص للجميع، وإعطاء حقوق الفقراء والمحرومين، وقيام الأنظمة العامة التي تحمي المجتمع من حاملي راية العنف.

ولنعلم جميعا ان سنة الله في الكون هو التغيير لان الله تعالى هو الباقي فقط والآخرين راحلون، لذلك لابد ان تكون الاحداث الاخيرة درسا للشعوب والمعارضين حتى لا يكرروا اخطاء الانظمة الهالكة، ودرس للانظمة الظالمة حتى تفهم وتتيقن انه لا بقاء لها في ظل الاستبداد والاستحواذ والظلم والقمع، بل ان التاريخ سيلعنها.

وقد قال الله تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) {الرعد/11}

واشنطن 2011\8\25