بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الفخامة والسيادة قادة الدول والحكومات المشاركين في قمة العشرين
بعد التحية والاكرام…
تعقد قمتكم خلال أيام في دولة الارجنتين وسط أجواء شديدة التأزم، تكتنفها تحديات جسيمة لا تقتصر على قارة دون أخرى او نظام دون آخر، اذ يعاني المجتمع الدولي الذي أنتم تتولون رسم سياساته العامة بشكل مباشر او غير مباشر من أزمات متسلسلة لا تنفك عقدة منها عما سبقها او تليها، حتى تبلورت امام البشرية جمعاء عدة إشكاليات مفصلية لا تنفك ان تكون مصدر تهديد وجودي للعديد من الأمم والمجتمعات.
فحجم وعدد القضايا التي تعاني منها البشرية بشكل عام او شعوب محددة بشكل خاص تخضع في مجملها تكوينا وانتشارا لطبيعة الخطط والاجندات التي تضعها حكوماتكم المتقدمة تقنيا وعلميا، سواء كانت تلك الاجندات اقتصادية او سياسية او إنسانية، اذ يدرك القاصي والداني ان التدهور الحاصل في أوضاع المجتمعات البشرية يتأثر بشكل طردي مع اراداتكم ونمطية الأساليب التي تعتمدوها في تداول قضاياها، مما يستدعي مراجعة حقيقية للنهج الذي تعتمدوه في التعامل مع الملفات الإنسانية بشكل عام ومفصل، مع الاعتبار لطبيعة التحديات.
فلا يخفى عن الجميع حجم الازمات الإنسانية في بلدان الشرق الأوسط وجنوب شرق اسيا وبعض الدول الافريقية واللاتينية، وما ترتب على ذلك من معاناة باتت تنتشر بشكل غير مسبوق في أوساط الدول النامية كما تطلقون عليها، والتي انعكست ولا تزال على عالمكم المتقدم من خلال الهجرة والإرهاب واختلال الميزان التجاري بين العالمين، فضلا عن العديد من الافرازات السلبية الجانبية.
فيما تحمل الشعوب المنكوبة والمتدهورة اقتصاديا وسياسيا المسؤولية دون أدنى شك على عاتقكم، وتتطلع الى ان تثمر اجتماعاتكم عن قرارات إيجابية مجدية، تأخذ بنظر الاعتبار الصورة الاشمل للوضع الإنساني المتدهور.
أصحاب الفخامة والسيادة، لقد أسهمت السياسات التي تبنيتموها في تأجيج الحروب والصراعات المسلحة، وبروز الديكتاتوريات وانهيار اقتصاديات الكثير من البلدان، فضلا عن ظهور التغييرات المناخية التي انعكست على شكل سيول وفيضانات وتصحر في الكثير من أجزاء العالم بسبب الابخرة والغازات المتصاعدة من مصانعكم ومنشأتكم العملاقة، والقائمة تطول في سلم القرارات المجحفة التي تتخذونها وفق المصالح الضيقة.
فيما تلعب بعض حكوماتكم دورا مؤلما على صعيد انتهاك حقوق الانسان بشكل مباشر او بالنيابة، كما هو الحال مع مسلمي الإيغور الذين يعانون من مصادرة الحقوق العامة والشخصية، مرورا بأوضاع الشعبين البحريني والسعودي ومعاناتهما مع القمع والاستبداد المسنود من بعض حكوماتكم، وأخيرا وليس آخر الحروب التي تشن على اليمن وسوريا.
أصحاب الفخامة والسيادة ان مؤسسة الامام الشيرازي العالمية اذ تستعرض امامكم هذه الإشكاليات بحسن الظن، والتطلع صوب حكمة قراراتكم خلال القمة، يحدوها الأمل في مراجعة جديدة لسياساتكم إزاء ما تقدم من معاناة، خصوصا بعد ان برهنت الوقائع مساوئ ما اسفرت عنه تصوراتكم وتقديراتكم للوضع الإنساني والعالمي.
وتلفت المؤسسة في ختام رسالتها عنايتكم الى حجم المسؤولية القانونية والأخلاقية إزاء المجتمع الدولي بكافة اعراقه واثنياته وتجلياته، لا سيما في عصرنا الراهن.