هذا نص الرسالة:
سماحة حجة الإسلام الدكتور الشيخ حسن روحاني المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نتقدّم منكم بخالص العزاء بضحايا السيول الأخيرة التي ضربت مناطق من البلاد، سائلين الله سبحانه و تعالى أن يتغمّدهم بواسع رحمته ويلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان.
في مثل هذه الظروف العصيبة، يدرك الإنسان مدى ضعفه وقلّة حيلته أمام عظمة قدرة الخالق، ما يدفعه للّجوء إلى جنابه، كما يقول تعالى: “قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ“.
ومن نعمته جلّ شأنه علينا كأتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) أن كفانا مؤونة التعب والعناء بحثاً عن أفضل السبل إلى الله، بهدايتنا لمَحالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمَساكِنِ بَرَكَةِ اللهِ، وَمَعادِنِ حِكْمَةِ اللهِ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ، وَحَمَلَةِ كِتابِ اللهِ، وَاَوْصِياءِ نَبِىِّ اللهِ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، كي نتوسّل إليهم سبيلاً لمواجهة التحدّيات ونعتصم بهم طريقاً لتجاوز الكوارث والأزمات. وهي خصلةٌ امتاز بها الشيعة طوالَ العصور، وعنصر قوةٍ استطاعوا بها الاستمرار على مدى الدهور.
سيادة الرئيس
لا ريب أنّ في وقوع تلك الامتحانات الإلهيّة الطبيعيّة في شهري رجب وشعبان، وتزامنها مع دخول قرار الحكومة العراقية إلغاء تأشيرة الدخول مع إيران حيز التنفيذ، لَحكمةً بالغةً- لا تخفى على كلّ ذي لُبٍّ بصير بنور موالاة محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وآل محمد (عليهم السلام)- بلزوم ترسيخ الإيمان بهم والاستبصار بشأنهم المعرفة بحقِّهم والإقرار بفضلهم والاحتجاب بذمّتهم. ما يفرض على كلِّ واحدٍ منا العمل حسبَ مسؤوليته لأداء دوره على أكمل وجهٍ.
ونحن على أعتاب استعدادات الشيعة في كلّ مكان لأداء شعيرة زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) الشعبانية التي طفحت في فضلها كتب الأحاديث والأدعية والزيارات، أن نستثمر هذه النفحات الإلهية لنسجّل إسهاماتٍ متواضعةً في سجلّ الخدمة الحسينيّة التي تجسّد القلب النابض للإسلام والإنسانيّة جمعاء لننال الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، مستذكرين تأكيدات سماحة المرجع الديني الكبير السيد صادق الشيرازي (دام ظلّه) على تسهيل أمر زيارة العتبات المقدّسة، ولا سيّما زيارة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، وما أجمل ما جاء في كلام الشيخ التستري قدس سره عن أهل البيت (عليهم السلام) في كتابه (الخصائص الحسينية): “… كلهم عليهم السلام سفن النجاة إﻻ أن سفينة الحسين عليه السلام مجراها في اللجج الغامرة أسرع…”.
لذا نطالب سماحتكم بإكمال مبادرتكم عبر الإيعاز لكافّة الأجهزة الحكوميّة المختصّة بتقديم كافّة التسهيلات للزوّار الراغبين بأداء شعيرة الزيارة الحسينية المباركة، بجعلها مجّانيّةً تماماً وإلغاء المعاملات الإدارية والمالية الخاصّة بالسفر.
سيادة الرئيس
ختاماً، في السياسة تقوم الاتفاقات والصفقات على المصالح والمكاسب المتبادلة الآنية الزائلة التي قد تنجح أو تفشل. ولكن في سياسة التعامل مع الحسين (عليه السلام) فالربح مضمون على الله في الدنيا والآخرة، ناهيكم عن خلود الذكر.
وتكفيكم الأحاديث الكثيرة في فضل زيارته في النّصف من شعبان. ويكفيها فضلاً أنّها رويت بعدّة أسناد معتبرة عن الإمام زين العابدين وعن الإمام جعفر الصّادق (عليهما السلام) قالا: ” من أحبّ أن يصافحه مائة ألف نبيّ وأربعة وعشرون ألف نبيّ، فليزر قبر أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) في النّصف من شعبان. فإنّ أرواح النّبيّين (عليهم السلام) يستأذنون الله في زيارته فيؤذن لهم، فطوبى لمن صافح هؤلاء وصافحوه ومنهم خمسة أولو العزم من الرّسل هم نوح وإبراهيم ومُوسى وعيسى ومحمّد صلّى الله عليه وآله وعليهم اجمعين”.
إنّها فرصة خيرٍ أتيحت لكم- سيادة الرئيس- فانتهزوها، تسعدوا في الدنيا وتفلحوا في الآخرة.
“وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ“
دمتم موفّقين لكلّ خيرٍ
مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية
واشنطن
٤ شعبان المعظم 1440 هـ.ق
١٠ أبريل/ نيسان 2019 م.