المطلوب، بلورة رؤى تساهم في إشاعة ثقافة التعايش بين الناس في إطار التنوع والاختلاف
بعثت مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية، رسالة إلى اجتماع لجنة حكماء (تحالف الحضارات) المنعقد في إحدى الجزر الأسبانية، دعتهم فيها إلى تدوين رؤى واضحة، تساهم في إشاعة ثقافة التعايش بين الناس في إطار التنوع والاختلاف.
أدناه نص الرسالة:
السادة المحترمون أعضاء لجنة حكماء (تحالف الحضارات) المحترمون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمحوا لنا أن ننتهز الفرصة لنضع بين أيديكم الأفكار التالية، وانتم تناقشون أفكارا لبلورة مبادئ عامة تحقق تحالف الحضارات، متمنين أخذها بنظر الاعتبار، في محاولة جادة من مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية، للمساهمة في جهودكم المشكورة التي نتمنى لها التوفيق والسداد، لما فيه خير البشرية.
أولا؛ لا يختلف اثنان على أن الأصل في الإنسان هو الاختلاف، ولذلك يلزم بلورة رؤى تساهم بشكل مباشر وفعال في إشاعة ثقافة التعايش بين الناس في إطار هذا التنوع والاختلاف.
ثانيا؛ وان واحدة من ابرز هذه الرؤى هو قيمة العدالة، من اجل أن نقلص الهوة الكبيرة بين شرائح البشرية، إذ لا يعقل أن نتطلع إلى التعايش في ظل الطبقية المقيتة، كما أن من العبث أن نتحدث عن الحوار بين الحضارات، وهناك ظالم ومظلوم فيما بينهم.
ثالثا؛ كما أن لبلورة مفهوم تكافؤ الفرص بين الحضارات، دور هام واستراتيجي في صياغة مبادئ (تحالف الحضارات) إذ يجب أن يأخذ هذا المبدأ طريقه على ارض الواقع، ليشعر الجميع بان الفرصة ليست حكرا على الكبار دون الصغار، أو أنها من نصيب حضارة دون أخرى، فان مدى قدرة أية حضارة على خدمة الإنسانية، تقاس بعد أن تمنح الفرصة اللازمة والكافية لتعبر بها عن مشروعها الإنساني العالمي قبل الحكم عليها.
رابعا؛ لقد ابتليت البشرية اليوم بالفكر التكفيري المتطرف، والذي لا ينحصر في أتباع ديانة دون أخرى أو حضارة دون غيرها.
ولا يخفى على الجميع خطر هذا النوع من الفكر المنحرف على حاضر ومستقبل البشرية، ولذلك يجب أن تتضافر الجهود العالمية من اجل القضاء عليه، من خلال تجفيف مصادره الفكرية أولا، وعبر إشاعة الثقافة الصالحة والصحيحة التي لا تجرم الآخر بسبب الاختلاف في الدين أو المذهب أو الانتماء، ولا تكفر الآخر بسبب الانتماء السياسي، والتي تنظر إلى الناس بعين التساوي من ناحية الخلق، وتعتمد قيم الكفاءة والخبرة والأمانة في التقييم.
مرة أخرى نتمنى لاجتماعكم النجاح ولجهودكم التوفيق والسداد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ محمد تقي الذاكري
11/27/2005
واشنطن