دعت مؤسسة الامام الشيرازي العالمية، الى تصالح الانسان مع نفسه لنبذ العنف بكل اشكاله.
جاء ذلك في بيان اصدرته المؤسسة في العاصمة الاميركية واشنطن في اليوم العالمي لنبذ العنف، واضافت:
ان العنف يهدد اليوم البشرية بالكثير من المخاطر، وعلى راسها تدمير التعددية والتنوع الذي يعتبر سنة الله تعالى في الحياة.
ادناه، نص البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} صدق الله العلي العظيم.
ان السبب الحقيقي لاستخدام العنف، وباي شكل من اشكاله، هو حالة التناقض التي يعيشها الانسان مع نفسه، او ما يصطلح عليه في الاسلام بالنفاق، والا فان الانسان السوي المنسجم مع نفسه ومع ما يؤمن ويعتقد به يكون لين العريكة يتعامل مع الاخر بكل لطف، ويجنح الى السلم كلما سنحت الفرصة له، فالسلم واللاعنف اصل عند الانسان المنسجم مع نفسه، اما غيره فان العنف والتطرف والتزمت صفات تتحكم في سلوكياته، ليس مع الاخر فحسب وانما حتى مع نفسه، فتراه يمارس العنف بكل اشكاله مع نفسه ومع الاخرين، ولقد اشار القرآن الكريم الى هذه الحقيقة في الاية اعلاه، فضيق الصدر مثلا وسيء الخلق لا ينسجم مع نفسه، وتاليا لا ينسجم مع الاخرين ولذلك فهو ابعد ما يكون عن نهج الشورى، او ما يصطلح عليه اليوم بالديمقراطية.
لقد حث الاسلام على انتهاج السلم واللين في كل الامور، فقال تعالى {ادخلوا في السلم كافة} ولذلك رفض الفقيه المجدد الامام الراحل المرجع السيد محمد الشيرازي قدس سره مبدا العنف بكل اشكاله فقال:
إن الأصل في الإسلام: السلم واللاعنف
وقال ايضا:
يحرّم الإسلام الغدر والاغتيال والإرعاب وكل ما يسمى اليوم بالعنف والارهاب، فإنه لا عنف في الإسلام، ولا يجوز أي نوع من أعمال العنف والإرهاب الذي يوجب إيذاء الناس وإرعابهم، والغدر بهم وبحياتهم، أو يؤدي إلى تشويه سمعة الإسلام والمسلمين.
ويضيف الإمام الشيرازي قوله:
كيف لا والإسلام مشتق من السلم والسلام، والقرآن الكريم يأمر بالرفق والمداراة، يقول الله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
كذلك، فان الانسان الممتلئ علما ومعرفة واخلاقا ومنطقا لا يحتاج الى ان يوظف العنف في حياته وسلوكياته وتعامله مع نفسه ومع الاخر، على العكس من الفارغ علميا ولا يمتلك المنطق السليم، فانه يعوض عن كل ذلك بالعنف، سواء العنف اللساني او العنف باليد والذي يتطور الى القتل والتدمير والذبح، وهذا ما نلاحظه في منهجية الحركات المتطرفة التي ثبت بالدليل القاطع انها فارغة المحتوى ان على صعيد الفكر والثقافة او الحجة والبرهان والمنطق، ولذلك تراها توظف العنف والارهاب لتستعيض به عما تفقده من الادوات العصرية.
وتتضاعف خطورة العنف عندما يتلفع بعباءة الاسلام، والاسلام من العنف بريء براءة الذئب من دم يوسف، فالاسلام لم يدع احدا لاعتناقه تحت حد السيف ابدا، وان رسول الله (ص) وائمة اهل البيت عليهم السلام لم يستخدوا العنف لا باللسان ولا باليد ولا باي شيء آخر لنصرة دين الله تعالى او لدعوة الاخرين الى اعتناق الاسلام.
انهم وظفوا الخلق الحسن واللين وسعة الصدر والدعوة بالتي هي احسن والحوار والمنطق والدليل العلمي والعقلي، لمواجهة التحديات الحضارية التي مر ولا يزال يمر بها الاسلام.
ان المؤسسة، وبمناسبة اليوم العالمي لنبذ العنف، تدعو الجميع الى ان يتصالحوا مع انفسهم لينسجموا معها، لينبذوا العنف بكل اشكاله، الامر الذي يتطلب ان يتسلح الانسان بالعلم والمعرفة ووسائل وادوات الحضارة ليتعامل مع الاخر بانسانية وبحضارية.
ان العنف يهدد اليوم البشرية بالكثير من المخاطر، وعلى راسها تدمير التعددية والتنوع الذي يعتبر سنة الله تعالى في الحياة، ولذلك فان الواجب على الجميع، خاصة الحريصين على مستقبل البشرية، ان تتكاتف وتتظافر جهودهم لوضع حد لكل انواع العنف، خاصة الذي سببه التمييز والتزمت الديني والتطرف والفوارق الطبقية التي تنتجها السياسات الاقتصادية العالمية التي تعتمد الجشع.
واشنطن في: 27 أيلول 2013