في بيان لها بمناسبة عاشوراء 1433 للهجرة وفي موقعها على الانترنت، مؤسسة الامام الشيرازي العالمية تدعو الأمة الإسلامية إلى التمسك بمبادئ أهل البيت عليهم السلام و الاستفادة من ليلة ويوم عاشوراء لإصدار النداءات الى الشعوب التي حققت نصرها على الطغاة وإقامة الشعائر الحسينية بجميع أشكالها وتنسيق الجهود، واستثمار المناسبة، لتوحيد الأمّة، واعتماد لغة الحوار والتَّفاهم والتَّشاور، والابتعاد عن إثارة الشِّقاق والفرقة والفئويَّة والطَّائفيَّة لتحقيق التغيير والاصلاح باذن الله تعالى. هذا نص البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد وآله الطاهرين
عظم الله اجورنا واجوركم بمصابنا باستشهاد سيد الشهداء الامام الحسين بن علي عليه السلام
يستذكر المسلمون ومحبو أهل البيت عليهم السلام ومعهم أحرار العالم وقفة العزة والكرامة التي سطَّرها سبط النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو يواجه مع صحبه الكرام وأهل بيته الأطهار، منفردين، سيوف الجاهلية التي حملها الأمويون ليحاولوا قطع سلالة الوحي المحمدي الطاهر ويعيدوا حمية الجاهلية، هذه الملحمة الخالدة، التي تبدأ مأساتها ولوعتها بحلول شهر محرم الحرام، لتعيش الأمة الإسلامية هذه الايام أجواء التحرر الذي زرعه سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام في قلوب المسلمين، حين تصدى هو ومن معه من الأحرار، لطواغيت عصره، معلنا ثورة الرفض التي بقيت رمزا للحرية عبر التاريخ.
ان عاشوراء الامام الحسين عليه السلام هي مدرسة الفكر والعاطفة، مدرسة القول والعمل، مدرسة الجهاد والتضحية، مدرسة السلام والعدالة، مدرسة المسؤولية والتصدي في سبيل الله من اجل الحق والأمة، تلك المدرسة الاصلاحية التي كان من أولوياتها التصدي للسلطان الجائر، حيث يقول سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام: «من رأى منكم سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله، محرماً حلاله، يعمل في عباده بالإثم والعدوان، ولم يغير عليه بفعل أو قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله».
يقول المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله: إن الإمام الحسين صلوات الله عليه بقيامه كان يهدف إلى بسط العدالة وأن يكون الحكم على أساس حكومة رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه. وأما معاوية ويزيد فإنهما قد غيّرا وحرّفا, وأبدلا ذلك بالظلم والعدوان وبارتكاب المجازر, وتبعهم في ذلك حكّام بني العباس, وكان حولهم اناس يمدحونهم ويمدحون أفعالهم بالباطل.
إنّ التمعن في التاريخ ضرورة علميَّة لا غنى عنها ولا مناص من مزاولتها لأنّها وحدها الكفيلة بأن تطلعنا على حقيقة ما جرى في الماضي لفهم ما يجري في الحاضر، لذلك فنحن اليوم حين نشهد الهجمة الأموية الكبيرة التي يقودها أعداء أهل البيت سلام الله عليهم مستخدمين كافة أسلحتهم وأدواتهم وفي مقدمتها الإعلام الكاذب والمضلل لطمس الحقائق وتشويهها والتضييق على شيعة أهل البيت، علينا أن نكون بمستوى المسؤولية التي أرادها سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام في التصدي للطغاة وفضح مخططاتهم وأن نضع نصب أعيننا ما يلي:
1- إن عاشوراء ونهضة سيد الشهداء حفزت الشعوب الإسلامية للوقوف بوجه الظلم والطغيان، وأن تلك الشعوب تحاول ان تجسد ما قاله السيد الشهداء: «لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما» فلابد من إشاعة ثقافة اهل البيت عليهم السلام التي تؤكد على ان يكون الانسان كريما حرا لا عبودية له الا لخالقه.
2- الدعوة الى ضرورة التمسك بمبادئ أهل البيت عليهم السلام وخصوصا الدعاء والتضرع الى الله في كل الأوقات فانه ـ أي الدعاء ـ كما نقل عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (سلاح المؤمن)، بطلب النصرة والفرج من الله وحده، فانه القادر على تغيير الحال وإمداد المظلومين بالنصر.
3- الاستفادة من ليلة ويوم عاشوراء لإصدار النداءات الى الشعوب التي حققت نصرها على الطغاة او التي لم تزل في ساحات التغيير تنظر الفرج بجعل يوم عاشوراء يوم للمظلوم على الظالمين في كل الأزمنة والأمكنة، وان الحسين عليه السلام إنما هو نصرة لكل المظلومين في العالم وليس لطائفة معينة، وان أهل البيت عليهم السلام هم الذين كانوا مع الشعوب ومن ثارت الشعوب ضدهم هم من تلك السلالة التي تسببت بانحراف الأمة عن مسارها وقتل الأئمة عليهم السلام وشردوهم وان طغاة العصر انما يمثلون نفس النهج الذي سار عليه أسلافهم.
4- ان إقامة الشعائر الحسينية سبب رئيسي لكرامة الشعوب، فلابد من الحرص على اقامتها بكل الوسائل التي تظهر مظلومية أهل البيت عليهم السلام ورفعة الإسلام وتسامحه ونبذه للعنف فتلك الشعائر هي رسالة لكل العالم بأننا طلاب سلام، فالعنف والإرهاب هو من قتل الأنبياء والرسل والأئمة وسيد الشهداء عليه السلام وعياله وأصحابه هم ضحية لإرهاب بني أمية.
5- إنَّ موسم عاشوراء نفحة إلهيَّة؛ لتصحيح وإصلاح واقع الفرد والأمَّة، وهو موسم تجديد واحياء للفرائض والسُّنن، وفرصة لتحقيق التغيير والاصلاح وبناء الانسان الصالح.
6- التَّفاعل والمشاركة الجادَّة مع مختلف البرامج العاشورائيَّة، وعدم الاكتفاء بدور المتفرِّج، وبالخصوص حضور المجالس الحسينية واحياء الشعائر الحسينية في يوم عاشوراء وبجميع أشكالها.
7- تنسيق الجهود، واستثمار الموسم؛ لتوحيد الأمَّة، والتَّأكيد على المضمون الولائيِّ، والبعد العاطفيِّ والمأساويِّ للمناسبة، واعتماد لغة الحوار والتَّفاهم والتَّشاور، والابتعاد عن إثارة الشِّقاق والفرقة والفئويَّة والطَّائفيَّة.
يقول المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله: إن شهر محرّم وصفر فرصة جيّدة لهداية البعيدين والمقطوعين عن أهل البيت صلوات الله عليهم, وفرصة لفضح مؤامرات أعداء أهل البيت صلوات الله عليهم. فلا شك أنه إذا أوصلنا رسالة وتعاليم أهل البيت صلوات الله عليهم إلى الناس كما يجب, فهذا يعني ـ يقيناً ـ أننا قد دللناهم على طريق الهدى. فمن أراد منهم الحياة الخالدة فسيتبع أهل البيت صلوات الله عليهم, ومن يبتعد عن أهل البيت صلوات الله عليهم فإنه يريد الهلاك.
لقد روى الامام الحسين عليه السلام بدمه الطَّاهر شجرة الإسلام، وأحيا بشهادته شرائع القرآن، وبذل مهجته في الله؛ لاستنقاذ الإنسان في كلِّ عصر وزمان، وعاشوراء حاضرة في كلِّ زمان إذا أراد الإنسان أنْ يحيا حياة العزَّة والكرامة، وأنْ يحيا على قِيم وأهداف ومبادئ الإمام الحسين عليه السَّلام. وعلينا أن نتعلم منها البطولة والاستقامة على الحق والانصاف والايثار ونغتني بمفاهيم العدل والقيم الإنسانية التي بها تستقيم الحياة والمجتمعات.
وسلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين.
واشنطن 5 محرم الحرام 1433 هجرية