دعت فيه للاشتراك بنهضة عالمية لبناء المراقد المهدمة
اصدرت مؤسسة الامام الشيرازي العالمية بيانا هاما بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لتهديم مرقدي الامامين العسكريين عليهما السلام في مدينة سامراء المقدسة قالت فيه ان إعادة إعمار المراقد القدسة هو حفاظ على جزء مهم من حضارة الاسلام ودليل كبير على إحترام المسلمين لإرثهم الحضاري والديني، وطالب البيان بضرورة مطالبة علماء الطوائف الأخرى ببيان موقفهم الرسمي من تلك الفئة التي تدعو إلى هدم المراقد والاعتداء على حرم الرسول وأصحابه الكرام، وتوجيه الدعوات لهم للاشتراك في نهضة عالمية لبناء المراقد المهدمة والوصول الى ميثاق لحفظ ذلك. وكذلك تجريم الفكر السلفي والوهابي المتطرف وإعلان الوهابية كالنازية جريمة بحق الإنسانية، كونها تدعو للكراهية وتكفير المسلمين بصرف النظر عن مذاهبهم وطوائفهم. كما طالب البيان بضرورة بدء الأعمار في جميع الأماكن المقدسة والمساجد والحسينيات التي تعرضت في تلك الموجة إلى التخريب والدمار وشمول الجميع بنفس الامتيازات وإشراك جميع الفئات في بناء مقدساتهم دون النظر إلى طائفة أو قومية.
كما طالب البيان الحكومة العراقية بان تفسح المجال للعشائر -التي يسندها الجيش العراقي- للمساعدة في حماية العتبات المقدسة في سامراء، ووضع امن المراقد المقدسة في اولويات الحكومة ووضع الخطط الاستباقية وتأمين الطريق الخارجي من بغداد الى سامراء.
وفيما يلي نص البيان:
بيان هام بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لتهديم مراقد سامراء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد واله الطاهرين
قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)آية (114) البقرة.
مع مرور الذكرى السنوية الثانية لجريمة الاعتداء الآثم على المرقد المقدس للامامين العسكريين في مدينة سامراء، لا تزال آثار الجريمة التي قام بها أعداء الله والدين والإنسانية قائمة على حالها وكأنها جزء من توافق سياسي على عدم الشروع ببنائها وإزالة آثار التخريب والدمار التي تعرضت لها. وما يعمق الحزن في النفوس هو عدم وجود ذريعة لبقائها مهدمة كل هذه المدة من الزمن، في وقت مازال محبو وأتباع أهل البيت (عليهم السلام) يتطلعون الى رؤية تلك القبة الشريفة مرة أخرى سامقةً مضيئة متلئلئة تعانق عنان السماء وهي تتشرف باحتوائها واحتضانها لتلك الأجساد الطاهرة.
وفي هذه المناسبة الاليمة علينا ان نتذكر:
1- أن الايمان الحقيقي بالله عز وجل وبرسوله الكريم(ص) يحتم علينا عدم التفريط بتلك المقدسات لأن التفريط بها تفريط بالدين، والعمل في الحفاظ عليها وصيانتها جزء لا يتجزء من الايمان، كما قال تعالى؛(إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاّ اللهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ)آية (18) التوبة.
2- إن في إعادة إعمار تلك المراقد حفاظا على جزء مهم من حضارة الاسلام ودليل كبير على إحترام المسلمين لإرثهم الحضاري والديني وإحترامهم لأهل العلم والدين.
3- ضرورة توجيه رسالة واضحة من خلال عملية الاعمار الى من قام بتلك الجريمة النكراء، مفادها أن مكانة أهل البيت(عليهم السلام) هي في القلوب والعقول والضمائر، وإن بناء مراقدهم دعوة لكل القيم السماوية ولوحدة الصف امام اعداء الله والدين وهو المنهج الذي كان أهل البيت (عليهم السلام) ينتهجونه في حياتهم الشريفة.
4- إعمار المراقد والمساهمة في بنائها دليل على الروح الايمانية وعلى مودة اهل البيت المأمور بها في القران الكريم وعلى التسامح والتعايش ونبذ العنف الذي يعتبر من أخلاق أهل البيت عليهم السلام.
5-إن في عدم إعادة الاعمار تكرارا لما جرى في زمن النظام المقبور حينما قام بقتل العلماء ورجال الدين ولم يكن للكثير من المحبين أي عمل يقومون به سوى الحسرة والالم وذرف الدموع، ولم يتخذوا أي موقف عملي حيث كان بإمكانهم تغيير مسار الحدث في حينه لو انهم تصرفوا بوعي وأدركوا خطورة ما تقوم به السلطة تجاه مراجعهم وعلمائهم وما الى ذلك من خطر في المستقبل، وبالتالي، علينا أن ندرك خطورة ما قام به التكفيريون من جرم فادح على مستقبل الامة الاسلامية.
6- ضرورة عدم الخشية ممن لا يريدون رؤية تلك الاضرحة والمشاهد المقدسة قائمة مرة أخرى، لأن أولئك ليس هدفهم الوحيد هدم أضرحة سامراء المقدسة، بل يمتد هدفهم الى هدم جميع الاضرحة المقدسة في العراق وخارجه وصولاً الى هدم مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، وهذا هو غاية ما يتمنون من خلال فعلهم وقولهم (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)آية (32) التوبة.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ)آية(36)النور، وأول تلك البيوت التي ذكر فيها اسم الله عز وجل ورفع فيها اسمه، هي بيوت آل محمد (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، فهم أوتاد الارض بهم بدأ الله وبهم يختم وبفضلهم عفا عن آدم وبأسمائهم سارت سفينة نوح وببركاتهم تقرب الانبياء والاوصياء والشهداء والصالحين الى الله، تلك هي عقيدة الاسلام الحقة التي لا يجوز بأي شكل من الاشكال لنفر تكفيري ضال أن يتعدى عليها أو يتعرض لها وعلى حرم الله وحدوده بقول أو فعل، لامن قريب ولا من بعيد.
إن أنفساً ذابت بحب محمد وآل محمد وإمتثلت لأوامر السماء وتشرفت بإنتسابها الى خط رسالي سار عليه رسول الله (ص) وأهل بيته الكرام (ع) آن لها أن تجسد ولآئها الحقيقي والعملي من خلال وقفة مشرفة تدخل فيها السرور على قلب الرسول(ص)، وتعلن فيها النصرة لقائم آل محمد(عج).
من هنا نرى ضرورة العمل بالمقترحات التالية:
1- استغلال الذكرى السنوية لبدء حملة دينية كبرى لبيان حقانية ومظلومية آل بيت الرسول عموما والبقيع الغرقد وسامراء خصوصا، وتوجيه الأنظار صوب تلك الجرائم والمسؤولين عنها.
2- الحث المستمر على بيان حقهم وعلى بيان مظلوميتهم على مدار العام وشرحها شرحا منطقيا يتقبلها الجميع وعدم حصرها على مستوى الطائفة الواحدة كون تلك المراقد مقدسة بصفة عالمية لوضعها من ضمن الآثار العالمية ، وبصفة إسلامية لما تحمله من قدسية مرتبطة برسول الله.
3- تخصيص إحدى الزيارات المليونية (الأربعينية مثلا) او غيرها لغرض استغلال المد الجماهيري فيها للخروج بتظاهرات للمطالبة بكشف تفاصيل جريمة التفجير ومن يقف ورائها وتقديمهم للقضاء العادل والإسراع بإعادة أعمار المراقد المقدسة.
4- تأليف وطباعة المناهج الخاصة حول هدم مراقد آل البيت على مر الأزمنة وفضح الآراء الضالة الداعية إلى ذلك.
5- تكثيف المحاضرات الدينية والعقائدية لبيان خطورة الهجمة التي يتعرض لها خط أهل البيت وأتباعه، والطرق التي يمكن استخدامها للدفاع عن اهل البيت عليهم السلام وعرض الوجه الحضاري المشرف لمدرستهم عليهم السلام
6- مطالبة علماء الطوائف الأخرى ببيان موقفهم الرسمي من تلك الفئة التي تدعو إلى هدم المراقد والاعتداء على حرم الرسول وأصحابه الكرام، وتوجيه الدعوات لهم للاشتراك في نهضة عالمية لبناء المراقد المهدمة و الوصول الى ميثاق لحفظ ذلك.
7- تجريم الفكر السلفي والوهابي المتطرف وإعلان الوهابية كالنازية جريمة بحق الإنسانية، كونها تدعو للكراهية وتكفير المسلمين بصرف النظر عن مذاهبهم وطوائفهم.
8- إرسال الملايين من الرسائل الالكترونية لرؤساء الدول والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والصحف والجرائد والمجلات العالمية، لإدانة هذه الجريمة النكراء ، ولتعريفهم بالإمامين العسكريين والإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، ومذهب أهل البيت الأطهار.
9- على الفضائيات والقنوات التلفزيونية أن تتخذ من ذكرى سامراء والبقيع منطلقا وان تفرز مساحة أعلامية كبيرة من التفكير والتخطيط، والبرمجة، والبرامج، لأن سامراء والبقيع هما: عنوان(نهضة الأمة) ورمز (عزها وشموخها وكرامتها) ومفتاح (سيادتها واستقلالها وازدهارها).
10- من الواضح جدا بان التفجير الذي طال مدينة سامراء كان السبب الأكبر لخلق التناحر المذهبي والطائفي، وابتعاد البعض عن الأخر نتيجة الخوف المتقابل، ومن هنا يمكن الانطلاق لرأب الصدع والدعوة إلى وحدة الموقف الشعبي للمشاركة بالخروج في تظاهرات موحدة لاستنكار ما حدث في ذلك اليوم.
11- المطالبة ببدء الأعمار في جميع الأماكن المقدسة والمساجد والحسينيات التي تعرضت في تلك الموجة إلى التخريب والدمار وشمول الجميع بنفس الامتيازات وإشراك جميع الفئات في بناء مقدساتهم دون النظر إلى طائفة أو قومية.
12- العمل على إصدار الكراسات التربوية الموجهة لعامة الناس بضرورة احترام جميع المقدسات لكل الطوائف وعدم التجاوز عليها ووضعها في موضع المقدس بالنسبة لكل فرد.
13- تفعيل المصالحة الوطنية بخطوات عملية ومعالجة الأسباب الحقيقة وراء الشرخ الحاصل في المجتمع والناتج من وجود المراقد المقدسة على وضعها دون تغيير حاصل في اعمارها.
14- على الحكومة ان تفسح المجال للعشائر -التي يسندها الجيش العراقي- للمساعدة في حماية العتبات المقدسة في سامراء، كما على الحكومة أن تفوض لهم ذلك، خصوصاً من له الجدارة والأهلية وأيضاً الغيرة والحمية الكافية وكفاهم فخراً ودليلاً أنهم كانوا حماة العراق على امتداد التاريخ.. وكان لهم الفضل الأكبر بل الأساس في ثورة العشرين المباركة.
15- الاشراف على تنظيم حملة تقوم بها الحكومة (إعلامياً-وفكرياً-واجتماعياً- وسياسياً) تقوم على بث القيم الانسانية التي من شأنها رأب الصدع بين مكونات الجسد الواحد كالتعايش والتسامح والمشاركة، للنيل من الفكر المنحرف الذي دخل هذا الجسد والعواقب الوخيمة التي نشأت جراء ذلك من تهديم الاضرحة في سامراء الى ضرب الجوامع في بغداد وغيرها من المدن.
16- وضع امن المراقد المقدسة في اولويات الحكومة ولاسيما بعد ما حدث من انفلات امني كامل بُعيد التفجير الإجرامي للمراقد في سامراء، وهذا بدوره يتطلب وضع الخطط الاستباقية لكل منطقة وتشكيل أفواج خاصة بذلك و الاهتمام بالمناطق محط التهديد المباشر. وتأمين الطريق الخارجي من بغداد الى سامراء بقوى أمن عراقية مكونة من وزارتي الداخلية والدفاع، كيما يتسنى لمحبي أهل البيت زيارة المراقد المطهرة في سامراء وهذا أن حصل يعد كخطوة أولى من جانب الحكومة تجاه إعمار المدينة المقدسة.
17- على الحكومة المباشرة بأعداد جائزة لتصميم جدارية تنصب في كل محافظة من محافظات العراق تمثل حادثة التفجير الاليمة والزمرة التي قامت بها حتى تظل شاخصة من شواهد التاريخ على مظلومية أهل البيت (ع) في كل زمان ومكان.
واخيرا،
علينا أن لا ننتظر من يوعز لنا بالشروع في إعمار مراقد أئمتنا وتوفير الحماية اللازمة لها ويجب أن لا نتردد أو نتراجع عن ثوابتنا الدينية والمبدئية، وعلينا أن نكون أكثر إيمانا وإصراراً من أجل الحفاظ على مقدساتنا ومعتقداتنا.
(إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاّ اللهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ) (18) التوبة
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
مؤسسة الامام الشيرازي العالمية
الشيخ حسن رضا الغديري
بريطانيا – لندن
23 محرم الحرام 1429
1/2/2008