بيان مؤسسة الامام الشيرازي العالمية لمناسبة المولد النبوي الشريف

بيان مؤسسة الامام الشيرازي العالمية لمناسبة المولد النبوي الشريف

قال الحكيم في محكم كتابه الكريم:

بسم الله الرحمن الرحيم

كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ صدق الله العلي العظيم

نحمد لله حق حمده، و نشكره على جميع نعمائه حتى يرضى، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله الكرام صلوات الله عليهم اجمعين، و الشكر لله الذي اصطفى منا رسولاً ومنّ علينا بالإسلام ديناً، وجعلنا من المؤمنين به، وفطرنا على التوحيد والشهادة والإمامة، وكفى به حسيبا و وكيلا.

تبارك مؤسسة الامام الشيرازي العالمية للمسلمين عامة والشيعة خاصة حلول عيد مولد سيد الكونين وخاتم النبيين، شفيع المسلمين رسولنا ومولانا أبا القاسم محمد صلوات الله عليه وعلى أئمة الهداة من ذريته وسلم تسليماً كثيراً.

وتغتنم المؤسسة هذه المناسبة العظيمة في نفوس المؤمنين لتوجيه العالم الإسلامي للعمل بكتاب الله وشريعته، وسنن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتعاليمه، لا سيما في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها الشعوب الإسلامية، حيث تفرقت الكلمة ودب الخلاف وتفشت الصراعات.

اذ يأمرنا العزيز الحكيم في كتابه الكريم: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ.

فقد تعاضمت علينا المحن، واستشرت بين مجتمعاتنا الفتن، وبتنا بفعل الأعداء أمم ودول تفرقت بخيراتها وتصارعت بفاقاتها، فضربت على دولنا الذلة والسكينة، واصبحنا و للأسف الشديد كما يصف عز وجل قبل ان يرزقنا الإسلام ديناً: مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ.

وأسوة بأخوتهم من عامة المسلمين ابتلي الشيعة بخطر الخلافات والصراعات وتفرق الكلمة، بعد ان تمكنت دوائر الفتن وصناعها من إشاعة البغضاء والتناحر، مما افضى الى تداعيات مؤلمة غير مسبوقة على المشهد الشيعي.

وما يؤسف منه انجرار كثير من المغرر بهم وراء دعوات وبهتان الجماعات الظلامية الساعية لضرب مرتكزات المذهب ورموزه ومرجعياته وعلمائه، عبر فبركة التهم وإشاعة الأكاذيب، وما سبقها من محاولات نشر الفحشاء والمنكر في صفوف أبناء المجتمعات الشيعية المسلمة، تحت شعارات  ما انزل الله بها من سلطان.

ان المؤسسة تستحضر في هذه المواقف المستجدة رسالة الإمام الرضا (عَلَيْهِ السَّلاٰمُ) إلي شيعته، للتمسك والعودة الى نهج ائمتنا ووصاياهم، ليفوتوا الفرصة عمن يسعى الى الحاق الأذى بهم او تشتيت كلمتهم.

حيث يقول عليه السلام: أَبْلِغْ عَنِّي أَوْلِيَائِيَ السَّلَامَ وَ قُلْ لَهُمْ؛ أَنْ لَا تَجْعَلُوا لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَنْفُسِكم سَبِيلًا، ومُرْهُمْ بِالصِّدْقِ فِي الْحَدِيثِ، وأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وبِالسُّكُوتِ وَتَرْكِ الْجِدَالِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِمْ، وإِقْبَالِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ والْمُزَاوَرَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ إِلَيّ، ولَا يَشْغَلُوا أَنْفُسَهُمْ بِتَمْزِيقِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً، فَإِنِّي آلَيْتُ عَلَىٰ نَفْسِي أَنَّهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَ أَسْخَطَ وَلِيّاً مِنْ أَوْلِيَائِي دَعَوْتُ اللَّهَ لِيُعَذِّبَهُ فِي الدُّنْيَا أَشَدَّ الْعَذَابِ وَ كَانَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ.

و قال عليه السلام: عَرِّفْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِمُحْسِنِهِمْ وَ تَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ إِلَّا مَنْ أَشْرَكَ بِي أَوْ آذَىٰ وَلِيّاً مِنْ أَوْلِيَائِي، أَوْ أَضْمَرَ لَهُ سُوءاً، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ لَهُ حَتَّى يَرْجِعَ عَنْهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْهُ وَ إِلَّا نُزِعَ رُوحُ الْإِيمَانِ عَنْ قَلْبِهِ وخَرَجَ عَنْ وَلَايَتِي وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ نُصِيبٌ فِي وَلَايَتِنَا، وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِك‏.

وتلفت المؤسسة في بيانها الى مسؤولية جميع الرموز والقادة والشخصيات الاجتماعية في المجتمعات الشيعية مجتمعة، ودورها في التصدي بحكمتهم وحنكتهم لجميع ما يعترك المشهد السياسي والأمني والاجتماعي للمسلمين الشيعة، مشددة على أهمية التحرك العاجل للعمل على التصدي لكل ما يفرق المسلمين عامة والشيعة خاصة، لا سيما وقف التناحر والتباغض والهرج والمرج التي تقف وراءها اجندات مشبوهة، فكما قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الكرام، من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.

وقد امر المرجع الديني الكبير السيد صادق الحسيني الشيرازي حفظه الله كراراً بوحدة الكلمة والابتعاد عن الفرقة، والحفاظ على بيضة الاسلام والمذهب الحق، والالتزام بتطبيق تعاليم مدرسة أهل البيت عليهم السلام، ونشر المحبة والسلام في العالم.

ان الله سميع بصير