بيان مؤسسة الامام الشيرازي في اليوم العالمي لمواجهة الفقر

بيان مؤسسة الامام الشيرازي في اليوم العالمي لمواجهة الفقر

بسم الله الرحمن الرحيم

للَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يونس: 26.صدق الله العلي العظيم

اختار الهيئة الدولية للأمم المتحدة السابع عشر من تشرين الاول/ اكتوبر يوماً عالمياً لمكافحة الفقر، نظراً لتداعيات هذه الظاهرة الاقتصادية المؤثرة على المجتمعات والافراد حول العالم، وما يمثل استمرارها من تحدياً خطيراً للجنس البشري وما ينسحب على ذلك من اسقاطات عملية على ملفات التنمية والمستوى المعيشي للافراد والسلم الاجتماعي للسكان وسواها من افرازات سلبية كثيرة.

فعلى الرغم من التطور الانساني الكبير في مختلف ميادين العلوم والتطور الحضاري، لا تزال معظم شعوب الارض تشكو هامشاً متبايناً في معدلات الفقر بين الناس، متخذاً نطاقاً واسعاً تارة ونطاق اقل تارة أخرى، وهذا ما يؤكد غياب العديد من المبادئ الاجتماعية والسياسية المفترض وجودها لمعالجة خطر الفقر الآخذ بالانتشار، اذ يمثل غياب التوزيع العادل للثروات والفساد الاداري والمالي في مؤسسات السلطات الحاكمة فضلا عن غياب النزاهة والشفافية في التعامل مع الموارد، اموراً مجتمعة تبرز كاحد مسببات استمرار ظاهرة الفقر، لا سيما في بلدان الشرق الاوسط وافريقيا وبعض الدول الاسيوية.
فيما لم تسهم بصورة فاعلة العديد من النظريات والتشريعات المحلية او الاتفاقيات الدولية في معالجة ظاهرة الفقر، وتقف عاجزة في الكثير من الدول امام جشع واستئثار النفوس الضعيفة بالثروات، مسنودة تارة بانظمة سياسية مستبدة او دعم دولي آثر الاستفادة من مصالح اقتصادية محدودة على حساب معاناة وجوع ملايين السكان المغلوبين على امرهم.

وتبرز ظاهرة العنف والعنف المضاد والتحريض على الكراهية والاقتتال الداخلي والنزوح والهجرة تجليات واضحة لتداعيات الفقر على المجتمعات، وهو ما انعكس بشكل عملي بتحمل العديد من الدول المتقدمة مسؤولية مد يد العون والمساعدة وتحمل عبئ المهاجرين من البلدان النامية، مما يفسر لجميع المراقبين فشل السياسات الدولية في معالجة ملف الفقر، وغياب اي افق لإيجاد حلول واقعية تنهي معاناة الملايين من البشر.

ان مؤسسة الامام الشيرازي العالمية تغتنم هذه المناسبة الدولية للتذكير بطرحها الخاص بمكافحة الفقر، مقتبسة افكار ما تطرح من نهج الدولة العادلة للإمام علي عليه السلام، والذي استطاع (كما تشير الادلة والبراهين التاريخية) تمكنه من القضاء على الفقر في المجتمع الاسلامي الذي كان تحت ادارته، حيث اتخذ عليه السلام من التعاليم الاسلامية ومبادئها في التعامل مع القضايا الاجتماعية اسلوباً ناجعاً في معالجة الفقر وتطبيق مبدأ التوزيع العادل للثروات بين السكان.
لقد أمن الامام علي عليه السلام العيش الكريم والمساواة لملايين السكان على الرغم من عدم توفر التقنيات والادوات المتطورة السائدة في وقتنا الراهن، حتى قيل ان الحيوانات كانت تؤمن لها رزقها وغذائها اسوة بالانسان، و (كما يقول الامام الشيرازي ) لم يشكو في دولته رجل كان او إمرأة الجوع او العري او شظف العيش، حتى استشهد بسيرته واسترشد بها العديد من القادة والمفكرين.

وفي الختام نسأل الله العلي القدير ان يوفق حكام زماننا للاقتداء به عليه السلام وتطبيق المباديء والحريات الاسلامية وتوفير الفرص للشباب حتى يأخذوا مأخذهم في سبيل خدمة المجتمع.