في بيانها لمناسبة رأس السنة الميلادية دعت مؤسسة الامام الشيرازي العالمية الى تحقيق العدالة الاجتماعية و حل المشاكل ومواجهة الفقر والجهل و تحكيم الأخوة والمحبة و توفير الأمن للجميع. هذا نص البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم
مع حلول العام الميلادي الجديد، مازال عالمنا المترامي الاطراف يعيش الازمات المتراكمة وعلى مختلف المستويات، خاصة على صعيد العنف والارهاب الذي مازال يحصد ارواح الابرياء ويدمّر البلدان ويقضي على فرص البناء والتّنمية وعلى وجه التّحديد في بلداننا النامية في منطقة الشرق الأوسط
ان ما يؤسف له حقاً هو ان الأقليات مازالت هدفاً لهذا الارهاب الأعمى، الامر الذي يُثير مخاوفها ويدفعها للهجرة من أوطانها الأصلية، ولعل ما تعرّض له المسيحيون والإيزديون وغيرهم في سهل نينوى في محافظة نينوى على يد الارهابيّين الذي سلبوا محلاتهم وبيوتهم واحرقوا وفجروا كنائسهم ومعابدهم، صورة من صور العدوان التي تتعرّض له الأقليات في بلداننا.
وبهذا الصّدد تعبر مؤسسة الامام الشيرازي العالمية عن المها وحزنها العميق بسبب فشلنا في بناء نموذج الحكم العادل الذي كرسته سيرة امير المؤمنين عليه السلام إبان حكمه، والتي عاش في ظلّها كل المواطنين بعدالة وكرامة وتكافؤ فرص بغضّ النّظر عن الخلفيّة والانتماء، وهو الذي قال عليه السلام {وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ، وَالْـمَحَبَّةَ لَهُمْ، وَاللُّطْفَ بِهِمْ، وَلاَ تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ، فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وَإمّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ}.
ولقد اشار سماحة المرجع الشيرازي خلال استقباله مؤخراً لاحد المواطنين المسيحيين البلجيكيين الى جوانب من سيرة حكم امير المؤمنين عليه السلام بقوله؛
ان حكومة عليّ بن أبي طالب “عليه السلام” خلت من الخطوط الحمراء سوى منع العنف وحمل السلاح ضدّ الناس.
وفي طول حكومته عليه السلام لم يكن عنده قتيل سياسي واحد، ولا سجين سياسي واحد، ولا منع حتى شخص واحد من الخروج على الدولة، وكان لا يستخدم السلاح إلاّ للدفاع، أيّ إذا تعرّض لهجوم مسلّح فقط، ولن يستخدم السلاح أبداً في الردّ على من هاجمه بسبّ أو بكلمة أو كلام اعتراض وما شابه ذلك.
واوضح سماحته “في كل رقعة حكومة عليّ “صلوات الله عليه” لم يوجد شاب لم يتزوّج لأنه لا مال له، ولا بنت لم تتزوّج لأنها لا مال لها“.
المرجع الشيرازي “دام ظله” اشار الى انه “في طول حكومة الإمام “صلوات الله عليه” لم يوجد شخص واحد استأجر داراً للسكنى، وهذا يعني ان كل الناس كانوا أصحاب بيوت، وكان استئجار البيوت خاصاً بالمسافرين الذين يأتون من خارج البلاد للإقامة المؤقتة فقط“.
وذكر سماحته انه “في تاريخ حكومة عليّ بن أبي طالب “صلوات الله عليه” كانت الأراضي مباحة للجميع، فلم يبع علياً “صلوات الله عليه” شبراً واحداً للناس، بل أباح الأراضي للناس جميعاً، أي لمن يزرع ويبني ويسكن، واكتفى بجعل مسؤولين للمراقبة حتى لا يتعدّى أحد على أحد، فقط. فالإمام عليّ “صلوات الله عليه” لم يبع شبراً واحداً، بل كان يطبّق قانون الله تعالى، وهو: (الأرض لله ولمن عمّرها)، فهو “صلوات الله عليه” أعلن انّ أي شخص يمكنه أن يأخذ ما يشاء مساحة من الأرض، شرط أن يعمّرها بسكن أو زراعة وغير ذلك، وكان يعطي ذلك بلا أخذ ثمن قبال الأرض“.
لافتا الى انه “لا يوجد في تاريخ عليّ “صلوات الله عليه”، وتحت حكومته العريضة الواسعة أن شخصاً واحداً قال لم أنم ليلة واحدة خوفاً من الحاكم وهو عليّ بن أبي طالب “صلوات الله عليه” وهناك نماذج كثيرة من هذا القبيل“.
فاذا أردنا اليوم ان نعمل جاهدين من اجل حل مشاكل البشريّة ونؤمّن الطريق لتحقيق العدالة الاجتماعيّة، يجب علينا ان نعود الى تلك الأسس السّليمة التي رسمها الامام امير المؤمنين عليه السلام في الحكم وبناء الدّولة.
نتمنّى ان يسود السلام في العام الجديد، وان يتمتع المسيحيون على وجه التّحديد بالسلام والأمن في بلداننا فلا يضطروا للهجرة وترك بلدانهم الأصلية.
ان القضاء على العنف والارهاب بحاجة الى مشاريع وطنيّة شاملة ثقافية وفكرية لتكريس مبدأ التعدديّة والتّنوّع والتّعايش من جانب، ومشاريع تنموية لخلق فرص عمل للنشء الجديد من اجل ان لا يعيش الفراغ والضياع فيكون بذلك طعمة لجماعات العنف والارهاب