بسم الله الرحمن الرحيم
خلق الله عز وجل الانسان وفضله على سائر مخلوقاته، وجعل له الارض مستقراً ومسكناً، لتكون له وطن في حياته الاولى، بعد ان هيأ له سبحانه كافة سبل العيش الكريم، من تربة ومنبت ومأكل ومشرب، فتأقلم الانسان منذ بزوغ الخليقة وحتى يومنا هذا مع الامتيازات الربانية التي منحة له، متخذاً الارض مقراً ومعاشاً.
وكانت ولا تزال من اهم الضمانات التي لازمت حياة الفرد والمجتمعات البشرية، والتي باتت حقا اصيلاً في هوية الانسان وكينونته، هي الحصول على مسكن يأويه وأسرته، يركن اليه ويهنأ ويستكين، مدفوعا بالفطرة التي جبل عليها منذ نعومة اضفاره، لتنطلق من هذا المنحى الانساني اولى الحضارات والأمم، وتنهض الشعوب والدول، لترتقي من خلال الفرد والجماعة وترسخ طبيعتها البشرية.
فيما ارتكز هذا السياق الانساني على كينونة الاسرة وسلامة نشأتها، وأقرت مختلف الشرائع السماوية والوضعية اهمية حماية هذه الوحدة الاجتماعية مادياً ومعنوياً، واقرت الضوابط الكفيلة برعايتها جملة وتفصيلا، باعتبارها لبنة اساسية في المجتمعات تعكس احوالها بصورة مباشرة الوضع العام للشعوب.
وقد افرد الامام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي في الكثير من مؤلفاته لهذه الخصيصة، عمقاً في بعيد بصيرته، وادراكاً منه (قدس سره) للحساسية القصوى لأوضاع الاسر وما يتبلور عن البيئة المحيطة لها سلباً كان ام ايجاباً، فساق الكثير من النصح والوصايا والتعاليم التي كانت تشدد على تلك الضرورات وحاجة الشعوب الى الالتزام بها، للعيش الكريم اولا وبناء المجتمعات المثلى ثانياً.
اذ يؤكد المجدد الثاني (قدس سره) أن بصلاح العوائل تصلح المجتمعات وبفسادها تفسد، فتنقية العائلة وتوجيهها إلى الرشاد، تقع في منتصف الطريق، بين صلاح الفرد والمجتمع، الفرد ثم العائلة، ثم المجتمع.
ومن هذا المنطلق تدعو مؤسسة الامام الشيرازي العالمية في الحادي عشر من تموز، الذكرى السنوية الخمسين لانعقاد المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان في عام 1968، الذي أكدت وثيقته الختامية، المعروفة باسم إعلان طهران، على ”أن حماية الأسرة والطفل تبقى شاغلا للمجتمع الدولي”.
مشددة على ضرورة الالتزام بالقرارات المنبثقة عما سلف، والعمل على تنفيذ بنود الإعلان التي نصت على صيانة الأسر والافراد على حد سواء، ابتداء من:
-تحكيم الدين والاخلاق في الأسرة والمجتمع.
– تجنب التمييز: لا ينبغي أن تمنع خدمات تنظيم الأسرة والمعلومات المعلومات المتصلة بها بسبب نوع العرق أو إعاقة أو الحالة الاجتماعية أو الميول الجنسي أو الهوية الجنسانية.
– ضمان إتاحة البضائع والخدمات المتصلة بتنظيم الاسرة للجميع.
– ينبغي أن تُوضع النظم الصحية والنظم التعليمية والقيادات وصانعي السياسات في موضع المساءلة أمام جماهيرهم بما يضمن الحقوق الإنسانية لتلك الجماهير في قضية تنظيم الأسرة.
والله ولي التوفيق