بمناسبة حلول عيد الاضحى المبارك أصدرت مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية بياناً هاماً دعت فيه المسلمين الى دراسة الماضي من أجل بناء غد أفضل للجيل القادم.
وجاء في البيان أن على المسلمين أن يتعلموا من دروس الماضي من أجل تصحيح أوضاعهم الحالية، ولبناء غد أفضل، ليرث الابناء خيراً من ابائهم.
وحذر البيان المسلمين من الدور الذي يلعبه أعداء الاسلام من أجل فرض اجندات سياسية خاصة سعياً منها لتحطيم ارادة المسلمين.
وفيما يلي نص البيان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلق الله ،أبي القاسم محمد وعلى آله المعصومين وصحبه المنتجبين .
أيها المسلمون في كل مكان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نبارك لكم حلول عيد الأضحى المبارك، سائلين القدير أن يمن على الأمة الإسلامية، وعلى عموم البشرية، بالسلام والوئام والمحبة والخير الوفير.
إن من الحكمة بمكان، أن يتعلم المسلمون من دروس الماضي، من أجل تصحيح أوضاعهم الحالية، ولبناء غد أفضل، ليرث الأبناء خيرا من آبائهم، فالإنسان إبن ماضيه، كما تقول الحكمة، ولذلك عليه أن يستذكر الماضي دائما، ليتعلم من دروسه ما يعينه على إنجازات أفضل، ونجاحات أكبر، وليتجنب أخطائه بما يوفرعليه الزمن والتضحيات.
إن المنعطف الذي تمر به الأمة الإسلامية اليوم، وبسبب تراكم مخاطر الاستبداد والجهل والفقر، يتطلب وقفة جدية ومسؤولة، أزاء ما مرت وتمر به من مخاطر تهدد كيانها وتنذر بويلات كثيرة، وعلى رأسها خطر العنف والإرهاب الذي بات يهدد كيانات سياسية بأكملها، والذي يوظفه أعداء المسلمين من أجل فرض أجندات سياسية خاصة، لا تنسجم، في أغلب الأحيان، مع مصالحها العليا.
ولقد لعبت سياسات، تبديد الثروة، وسحق حقوق الإنسان، وإغتيال الرأي الآخر، والاستبداد السياسي في إطار سياسة ـ القائد الرمز ـ ، و ـ الحزب الواحد ـ ، دورا جذريا في تحطيم إرادة المسلمين، وتمكين الآخرين من أرضهم وثرواتهم و قيمهم الحضارية النبيلة.
إن على الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين، أن تتحمل مسؤولية تبنيها لهذه السياسات التدميرية، طوال عقود من الزمن، والاعتراف بأخطائها، حتى لا تكررها بلا أبالية، هي الأخطر من بين كل المناهج السياسية التي شاعت في بلاد المسلمين.
ولقد رأينا كيف بددت هذه الأنظمة، ثروات المسلمين، في بناء ترسانات الأسلحة ذات الدمار الشامل، وأجهزة الأمن والمخابرات والحماية الخاصة، وفي شراء وسائل التعذيب، وبناء السجون والمعتقلات، من دون أن توظفها قيد أنملة، في أي صراع حقيقي مع العدو المفترض، إلا اللهم ضد شعوبها المغلوب على أمرها.
وها هي بعضها، تدفع اليوم ثمن تدمير كل ما بنته، وبكل برودة أعصاب، من دون حتى الاعتذار لشعوبها، بسبب الخطأ الجسيم والفادح الذي ارتكبته بحقها، بسبب تبذير ثرواتها التي كان من اللازم، أن توظف في مجالات حيوية وأساسية، كالتربية والتعليم والصحة والرفاهية الاجتماعية والضمان الاجتماعي والتطور المدني والبناء الحضاري، الذي حرمت منه أغلب الشعوب الإسلامية بشكل كبير، حتى عاد المواطن في أغلب بلاد المسلمين، يحلم بالتكنلوجيا الحديثة، فضلا عن المعرفة والصحة والضمان الاجتماعي، التي غابت عنه بشكل شبه كامل تقريبا، فهدده الجهل والأمية والمرض والعجز والبطالة، وغير ذلك من الأمراض الاجتماعية القاتلة.
إن مناسبة عيد الأضحى المبارك، فرصة للمسلمين ليقفوا أمام هذه التحديات الكبيرة، ويتساءلوا عن الحلول الممكنة ويبحثوا فيها، من أجل تجاوز هذه المرحلة الخطيرة من مراحل تاريخهم، وليراجعوا كل ما بذله المصلحون من أبناء هذه الأمة المرحومة، من جهود في سبيل الإصلاح، علهم يجدوا ما يمكن أن يستعينوا به من أجل تحقيق طفرة نوعية بهذا الخصوص، ومنها ما كتبه المجدد الثاني الإمام الشيرازي، خاصة كتابه ـ السبيل إلى إنهاض المسلمين ـ الذي ناقش فيه الكثير من أمراض الأمة، وحدد الحلول المناسبة للكثير من مشاكل المسلمين، برؤية منفتحة وعصرية وواقعية.
إن لدى المسلمين، فكرا نوعيا، وثقافة متنورة، ورؤية واعية، نأمل أن تفسح لها الحكومات المجال، لتؤدي دورها في بناء حضاري متجدد ومتطور، من دون الحاجة إلى من يعلمهم الديمقراطية وحقوق الإنسان، كما يحصل اليوم في عدد من بلاد المسلمين، ففي الفكر الإسلامي كل ما يحتاجه الإنسان من أجل تطوير حياته، بما ينسجم مع العصر ويواكب متطلباته اليومية، إلا أن الاستبداد السياسي، هو الذي حرم المسلمين من هذا الفكر الخلاق والثقافة العملاقة، حتى تصور الآخرون، عن جهل أو تجاهل، بان المسلمين بحاجة إلى من يعلمهم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهم الذين صدروا كل هذه الثقافات والقيم الحضارية، يوم كان الإسلام يشع بنوره على وجه البسيطة.
نسأل الله سبحانه وتعالى، أن يأخذ بأيدي المسلمين، إلى ما فيه خيرهم في الدنيا وصلاحهم في الأخرى، إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركا ته.
السابع من ذي الحجة عام 1424 هـ
السابع والعشرون من كانون الثاني 2004 م
السيد مرتضى الشيرازي
واشنطن