على مدى يومين كاملين، استضافت مؤسسة الامام الشيرازي العالمية، ومقرها العاصمة الاميركية واشنطن، الاسبوع الماضي، نخبة من العلماء والباحثين والمفكرين وقادة الراي من عدد من الولايات المتحدة الاميركية وكندا، لتدارس السبل الكفيلة بنشر نهج اهل البيت عليهم السلام في بلاد الغرب، وخاصة في قارة اميركا الشمالية، بما يحقق مبدا تصحيح المفاهيم السلبية العالقة بذهنية الاخر جراء فتاوى التكفير التي انتجت نهجا يحرض على الغاء الاخر والقتل والذبح على الهوية، ما تسبب بردة فعل سلبية ضد الاسلام الذي بعثه الله تعالى رحمة للعالمين.
ولقد اعتبر المؤتمرون هذا الملف مسؤولية تاريخية عظمى لانه يمس حرمة الاسلام وجوهر الرسالة الخاتمة، فتصحيح المفاهيم مسؤولية يجب ان يضطلع بها العلماء والمفكرون الحقيقيون الذين تغلي في نفوسهم الغيرة على الاسلام المحمدي الاصيل، بعيدا عن خزعبلات فقهاء التكفير وفتاواهم المضحكة والمخزية، فاذا كان رسول الله (ص) وائمة اهل البيت عليهم السلام قد حفظوا لنا الاسلام من التشويه والتغيير، خاصة سيد الشهداء الامام الحسين بن علي عليهم السلام، الذي ضحى بدمه الطاهر وبدم اهل بيته الكرام وصحبه الميامين من اجل ان لا يغير الامويون ويبدلوا في دين الله تعالى وذلك في ملحمته العاشورائية في كربلاء عام 61 للهجرة، فان مسؤوليتنا اليوم تتمثل في حفظه كذلك من التحريف والتشويه والتغيير، في هذا الزمن الذي حول العالم الى قرية صغيرة قد تؤثر كلمة باطلة واحدة، مهما كانت تافهة، في عقول الناس ومتبنياتهم.
وقد ناقش المؤتمرون، وفيهم عدد من طلبة واساتذة الجامعات الاميركية من جيل الشباب، عدة محاور اخرى منها كيفية توظيف القيم الحضارية التي تتمتع بها بلاد الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الاميركية، لحماية شعوبنا في منطقة الشرق الاوسط تحديدا من القتل وظاهرة السحل في الشوارع، كما حصل ذلك مؤخرا للشهيد السعيد الشيخ حسن شحادة في مصر، وقبله للشهيد السعيد السيد رجا في سوريا على يد التكفيريين الذي حرموا حلال الله وحللوا حرامه، فخاضوا في دماء الابرياء بذريعة التكفير والاختلاف في الهوية.
كما كان لملف التعايش والحوار بالتي هي احسن في اطار التنوع الديني والمذهبي والثقافي، حصته الكبيرة في نقاشات النخبة، كون التعايش هو المبدا الوحيد الذي يمكن ان تضمن في اطاره البشرية اعلى مستويات السلام والامن للجميع، على العكس من التقاطع وسياسات الغاء الاخر الذي يثير الحقد والكراهية بين بني البشر فضلا عن ابناء الدين الواحد والمذهب الواحد، فلقد خلق الله تعالى الحياة لتتسع لكل من خلق، فلماذا هذا التقاطع الذي يفضي الى القتل والذبح والغاء الاخر، بما يتسبب بكل هذه الحروب العبثية التي لا طائل منها؟ الم تجرب اوربا الحروب فيما بين شعوبها وامما ودولها؟ لتنتهي الى قرار استراتيجي حازم لا رجعة فيه يقضي بتحريم الحرب واستخدام القوة فيما بينهم لحل مشاكلهم ومن اي نوع كانت؟ فلماذا لا تتخذ شعوبنا ودولنا مثل هذا القرار لوضع حد لقرارات الحروب العبثية التي تتخذها ثلة من المستبدين الظالمين الذين يوظفون فتاوى التكفير التي يصدرها فقهاء البلاطات الحاكمة تحت الطلب لتنتهي بالبلدان الى الدماء وبشعوبها الى القتل الجماعي؟.
وفي نهاية المؤتمر رسم المشاركون خطة متكاملة لتنشيط العمل في الملفات التي ناقشوها من اجل التاثير في الساحة بما يضمن المساهمة في تحقيق القيم الانسانية الحضارية الراقية التي جاء بها الاسلام للبشرية جمعاء.