بيان مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية بمناسبة ذكرى تهديم قبور ائمة البقيع (ع) في الثامن من شوال عام 1344 هـ

(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ). (143) البقرة.
مأساة البقيع، وفجيعة هدم تلك المراقد الطاهرة في صبيحة الثامن من شوال عام 1344 هجرية الموافق 21/نيسان/1925 ميلادية، تمثل يوما أسود في التاريخ الإسلامي المعاصر، يعبر عن استمرار الكراهية ومنهج التكفير والإقصاء والفتنة الطائفية لفئة شاذة بعيدة كل البعد عن المعاني الإنسانية وعن التعاليم الدينية.
يقول الإمام الشيرازي (قد) في معرض ذكره لآل بيت الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم المدفونين في البقيع مستعرضا بعض الادلة على نفي أفعال الفئة الضالة في كتابه (البقيع الغرقد): (.. إن إزالة العشرات من أثار رسول الله واله الأطهار وأصحابه الكرام…… أمر غير عقلاني وغير شرعي بل هو تضييع للتراث الإسلامي والتاريخ فان تلك الآثار دلا لات للبشرية ومقومات للهداية….).
كما.. يأتي جريمة تفجير مرقدي الامامين العسكريين (ع) في سامراء المقدسة استمرارا لمسلسل الكراهية التي تعبر عنه الفتاوى التكفيرية الصادرة عن علماء الوهابية والقاضية بإزالة قباب سادات اهل البيت الأطهار في كربلاء المقدسة وغيرها. حيث ادت تلك الفتاوى الى تفجير فتنة طائفية عمياء سببت سقوط الآلاف من الضحايا والابرياء وكادت ان تؤدي الى اندلاع حروب اهلية كبيرة، لولا صبر شيعة اهل البيت عليهم وتحملهم للاذى حفاظا على وحدة الامة والوطن.
واليوم ونحن نعيش المحن تلو المحن والابتلاء الكبير الذي ابتليت به الأمة الإسلامية والمرض الخطير الذي ينخر جسدها وهو آفة التكفير والكراهية، لابد لنا من أن نؤكد على جملة من الحقائق:
1. إن أية امة من الأمم تعتز بموروثها الحضاري وتضفي عليه هالات من التقديس والاحترام، فينحتون النصب التذكارية أو يحتفظون ببقايا مدن مقدسة ويصونوها من آثار الاندراس، فأين نحن المسلمون من تراثنا المقدس الذي لا يشاكله نظير في العالم؟
2. لو كانت القبور لغير عترة النبي الطاهرة، هل تم الاعتداء والجرأة عليها بهذا الشكل؟ بقعة طاهرة ضمت رفات أقدس خلق الله بعد مرقد سيد البشرية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وفاطمة(عليها السلام) سيدة نساء العالمين حيث مراقد خلفاء الرسالة من أئمة الهدى(عليهم السلام) وصحابة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلــم) ممــن علّم قبورهم بيده الشريفة، وبذلك يمثل هذا الاعتداء اعتداء على النبي (ص) وعلى المقدسات الإسلامية.
3. ظلت هذه البقعة المباركة(البقيع) معلما مقدسا عند المسلمين يحيطونها بالعناية ويزورونها أثناء تأدية مناسك الحج وفي غيرها من المواسم حتى مجيء الوهابية التي حاربت الرموز الإسلامية المرتبطة بشخص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحكمت معاولهــا بهذه المعالم محاولــة محو قدسيتها.
4. لم تقف جرأتهم عند هذا الحد، بل تعدوا إلى ابعد من ذلك، إلى الحد الذي وصل بكبيرهم (مفتيهم) بان ينعت قبر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصنم، ويصفه بأوصاف تذكرنا بشائني رسول الله قال تعالى (ان شانئك هو الابتر).
ومن خلال ما تقدم يجب علينا في هذه الذكرى الأليمة وهذا المصاب الجلل العمل على إعادة أعمار ما قد تم هدمه على أيدي التكفيريين من مقدسات للمسلمين في البقيع وسامراء والآثار الأخرى التي تم إزالتها من آثار النبي وآله وأصحابه تحت ذريعة توسيع المسجد النبوي، والإسراع بعملية الأعمار كرد عملي على ما اقترفته تلك الأيادي الآثمة التي تريد النيل من وحدة المسلمين ومقدساتهم.
وعلى الحكومة السعودية ان تتحمل مسؤوليتها في اعادة بناء البقيع انطلاقا من الواجب الشرعي والمسؤولية الاخلاقية والانسانية و استنادا لقولها بانها خادمة الحرمين، اذ ان هذه الاماكن ليست ملكا لهذه الحكومة بل هي للمسلمين جميعا ولاتختص بمذهب واحد، لذا على الحكومة السعودية احترام حرية المعتقد والقوانين والمواثيق الاسلامية والانسانية والدولية.
وان إعادة أعمار البقيع وسامراء سوف يؤدي إلى قمع الفتنة الطائفية وحل الكثير من الأزمات والمشاكل بين المسلمين، مما يشجع الخطاب المعتدل وتحقيق الوحدة بين جميع الطوائف الإسلامية.
ومن السبل الهامة للوصول الى كل ذلك:
1- كتابة الكثير من المقالات والبحوث والدراسات والتقارير في الجرائد والمجلات والصحف العالمية وفي المدونات ومواقع الانترنت.
2- إجراء لقاءات توعوية هادفة بالإذاعات والفضائيات وغرف الحوار (chat) عربية وانجليزية وغيرها.
3- إقامة الندوات والمؤتمرات.
4- التواصل مع منظمات حقوق الإنسان واليونسكو وغيرها.
5- إقامة اعتصامات ومظاهرات سلمية في شتى دول العالم.
6- تشجيع الجماهير لارسال ملايين الرسائل الالكترونية للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان ورؤساء الدول وغيرهم.
7- تنشيط مواقع الانترنت الخاصة بالثامن من شوال وبسامراء او استحداث مواقع جديدة
8- إرسال الملايين الرسائل النصية وعشرات الألوف من الفاكسات للمجلات والفضائيات والسفارات وغيرها
9– وإحياء مجالس الدعاء والتضرع ، ومجالس التثقيف والتوعية ، بالمناسبتين المؤلمتين.
قال الله تعالى:
ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) الحج

مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية
المكتب الإعلامي
كربلاء المقدسة- العراق