بسم الله الرحمن الرحيم
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54) الروم صدق الله العلي العظيم
منذ فجر الرسالات السماوية وبزوغ رايات الاصلاح في يد رسل الله وانبيائه، حظي الشباب بمكانة منفردة نظراً للتضحيات والايثار والاندفاع الذي كانوا يبذلونه في سبيل مناصرة كلمة الحق والذود عنها، حافزهم الوصول الى العدل والمساواة وقت الجور والظلم، ويدفعهم العنفوان وقوة الايمان بالقضايا الانسانية التي كانت تشغل جانباً كبيراً من افئدتهم وتوقهم للوصول الى ارقى درجات الكمال البشري، وهو ما أكد عليه رسول الله صلى الله عليه وآله في حديثه: (أوصيكم بالشبان خيراً فإنهم أرق أفئدة، وإن الله بعثني بشيراً ونذيراً فحالفني الشبان، وخالفني الشيوخ).
فيما اشار أئمة الهدى صلوات الله عليهم في اكثر من موضع الى اهمية شريحة الشباب ودورها في نهوض الأمم وصلاح القيم، فقال امير البيان علي ابن ابي طالب عليه السلام: (إنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته)، فيما شدد الامام الصادق تباعاً عليه السلام: (عليك بالأحداث فإنهم أسرع إلى كل خير).
ومن ذلك تتجلى لدى الجميع اهمية العناية بالشباب وضرورة الالتفات الى قضاياهم التي هي بالأساس قضايا المجتمعات ذاتها واشكالات الارتقاء بها والنهوض بواقعها عقائدياً وعلمياً واقتصادياً وشتى انواع الشؤون الانسانية التي بها ترتقي الامم او يخفت وميضها.
وقد افرغ سماحة الامام الشيرازي الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي لهذا الشأن الحساس هامشاً كبيراً فكراً وبحثاً وعطاءً، واولى لقضايا الشباب الجوهرية اهتماماً استثنائياً داعياً في كل مناسبة الى اهمية الالتفات الى شؤونهم والعمل اجمالاً لخلق اجيالاً شابة على قدر المسؤولية الانسانية.
فيقول قدس سره: (هناك مسؤولية كبيرة على عاتق الجميع.. فإن تملك زمام الشباب لا يكون إلا بجذب بناء صحيح في العقيدة والعمل بحيث يوفر للشباب من الجنسين العمل في قبال البطالة، والعلم والدراسة في قبال الجهالة والسكن والمسكن والعلاج الصحي والحماية وغيرها).
وفي الوقت الذي يحيي المجتمع الدولي خلال الايام القليلة القادمة الذكرى السنوية ليوم الشباب العالمي، في الثاني عشر من شهر آب/ اغسطس، وهي مناسبة اريد بها ان تكون منطلقاً لرعاية الشباب وتلبية مطالبهم على صعيد التنمية والحقوق، بعد ان أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 120/54 ليكون بمثابة احتفال سنوي بدور الشابات والشباب كونهن شركاء أساسيين في التغيير، فضلاً عن كونه فرصة للتوعية بالتحديات والمشكلات التي تواجه أولئك الشباب والشابات في كل أنحاء العالم.
تدعو مؤسسة الامام الشيرازي العالمية جميع السلطات في العالمين الاسلامي والعربي الى اغتنام هذه المناسبة وعدم تركها تمر مرور الكرام، مطالبة بالاستسقاء من الارشادات والوصايا التي اقرها الاسلام على لسانه نبيه الاكرم واهل بيت صلوات الله وسلامه اجمعين، ومن اتبعهم بإحسان من علماء هذه الامة، للارتقاء بمستوى الشباب المسلم والعربي وتحصينهم علمياً واجتماعياً واقتصادياً لما يمثله من صلاح وازدهار للجميع، والله ولي التوفيق