بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ. 87 النحل صدق الله العلي العظيم
ارتكزت الاديان السماوية وفي طليعتها الاسلام على السلم كمبدأ اصيل للإنسانية وحق يجذر اسس التعايش السلمي داخل المجتمعات الاسلامية والمجتمعات الانسانية الأخرى، مقرناً نظرياته بآيات صريحة في القران الكريم، وما اتبعه بإحسان من سيرة نبوية شريفة وشريعة جهد في اشاعتها أئمة الهدى من نسله صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين.
وبذلك انتهج علماء المسلمين ودعاتهم ذات المذهب في التأسيس للسلم الاجتماعي العالمي، باستثناء نزر ممن اضلهم الشيطان والسلطان الذين اباحوا العنف واستباحة الحرمات والحقوق وفق هواهم وما ترتئيه مصالحهم ومصالح من يقف وراءهم والعياذ بالله.
اذ ينقل الينا الامام الشيرازي الراحل السيد محمد الشيرازي في اكثر من مناسبة ان الاصل في الاسلام هو السلم واللاعنف وان الاسلام مشتق من السلم والسلام، فيقول: آيات الذكر جاءت لتؤكد على مسألة السلم والسلام، فقد قال عز من مخاطباً عباده المؤمنين: (يا ايها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين).
ويرى الامام الشيرازي ان مفهوم السلم الأهلي يعني الثبات الدائم للسلام، ورفض كل إشكال الاقتتال والإحتراب بين المكونات، أو مجرد الدعوة إليه أو التحريض عليه، أو تبريره، أو نشر مقالات وخطابات وندوات ثقافية أو إعلامية، تؤكد على أن التصادم حتميًاً بسبب قوة العقيدة الدينية أو الحزبية، وتحويل مفهوم الحق بالاختلاف إلى إيديولوجية الاختلاف والتنظير لها ونشرها، وإعادة إنتاج لحرب أهلية، والتشكيك في جوهر البناء الدستوري ومواثيقه وحظوظ نجاحه في الإدارة الديمقراطية للتنوع، والإفادة من التجارب الناجحة في هذا المضمار، من أجل توفير فرص حقيقية لبناء مجتمع متماسك رغم تنوعه.
وهذا السياق كان في اثره ايضاً المرجع الديني الكبير السيد صادق الحسيني الشيرازي، وما خلص له في تثبيت تلك النظرية قوله: (الإسلام دين السلم والسلام ويعمل على نشر الأمن والأمان والسلم والسلام في العالم ويسعى في إطفاء نار الحرب وإخماد لهيبها وانتزاع فتيلها من بين الناس باجتثاث العوامل الداعية للحرب وزرع العوامل المشجّعة على المحبّة والوئام وعلى الصلح والصفاء).
اذ يؤكد سماحته على ان (يحرم العنف والإرهاب والغدر والاغتيال ويحارب كل ما يؤدي إلى الذعر والخوف والرعب والاضطراب في الناس الآمنين).
كل تلك المقومات الاساسية لديمومة واستمرارية المفهوم الانساني تستحضرها مؤسسة الامام الشيرازي العالمية لمناسبة اليوم الدولي للسلام، كدعوة لتقويم وتجديد خطاب الاعتدال والوسطية في التصدي للازمات والاشكاليات التي تعصف بالمجتمع الدولي، لا سيما في الظروف الانية التي باتت تشكل خطراً وجودياً لجزء كبير من البشرية، مما يفرض المسؤولية الاخلاقية والقانونية على جميع من يتصدى للمسؤولية العمل لتحكيم العقل والمنطق في تدارك الامور.
فأزمات الشرق الاوسط باتت معضلة يتشاركها المجتمع الدولي دون استثناء، وبات ملفاً شائكاً يتحتم على الجميع المشاركة في ايجاد حلول عادلة تخمد نيرانها، ابتداء من وأد الحروب المستعرة ووقف حملات التحريض والكراهية مروراً بحماية الحقوق والحريات العامة والخاصة واطلاق كافة معتقلي الرأي والداعين للإصلاح السياسي.
والله ولي التوفيق