يحيي العراقيون خلال هذه الايام ذكرى بالغة الاهمية على صعيد التاريخ والحاضر على حد سواء، ألا وهي مرور مائة عام على ثورة العشرين الخالدة، تلك الثورة التي وحدت الشعب العراقي تحت لوائها تعبيراً عن رفضه الاستبداد والتسلط على مقدراته وشؤونه من قبل الاحتلال البريطاني الذي اجتاح البلاد وفرض سلطانه عليها عام 1917.
اذ تمثل هذه الثورة بكافة حيثياتها وقفة زمنية مهمة ينهل منها العراقيون فخراً وعبراً، لا سيما انها كانت اللبنة الاولى لتأسيس الدولة العراقية الحديثة، بالرغم من بعض الاشكاليات التي واكبت هذا التأسيس وما اعقبه من اخفاقات، اذ كانت اجمالاً مثالاً متجلياً لقدرة الشعب على تحقيق مراده.
فلا تزال هذه الثورة المباركة تمد العراقيين بالعزم والصبر والامل لتحقيق ما تصبو اليه جوارحهم، متمثلاً بدولة كريمة تعز الاسلام واهله، تؤمن قدراً مقبولاً من الحياة الكريمة لجميع افراد الشعب دون تمييز، وتحفظ حقوقهم وكراماتهم وتضمن امنهم وسلامتهم.
اذ يستمر نضال الشعب العراقي على مدى العقود العشر الماضية في سبيل تحقيق مرادهم، بعد ان لعبت الصراعات الدولية والاقليمية دوراً كارثياً في اذى الشعب العراقي المبتلى، عززت من ذلك غياب ارادة وطنية حقيقة قادرة على النأي بالدولة الى تطلعات ابنائها.
فلم تشفع جراحات هذا الشعب وتضحياته للوصول الى ما اراد ابناءه، وغيبت مع شديد الاسف الكثير منها قسراً واصراراً، كأن هذا الشعب ابتلى بأبدية من المحن والمعاناة، فحروب لا تضع اوزارها إلا ونهضت مجدداً، ولا جماعة تسلطت إلا وفجرت، فيما غيب خيرة شبابه بين براثن الاستبداد تارة والارهاب تارة أخرى.
ان مؤسسة الامام الشيرازي العالمية، وهي تصوغ كلماتها في هذا البيان توجه للشعب العراقي المنكوب صوتها الداعي الى التمسك بنهج اهل بيت النبوة عليهم افضل صلوات الله وسلامه، مشددة على ضرورة التكاتف والتآزر فيما بينهم لدفع البلاء الذي حل بهم، والعمل مجتمعين على تطهير دولتهم ممن يسعى الى الحاق الاذى بها وطرد الفاسدين، والسماح لرجالات البلاد ممن يتحلون بالكفاءة والنزاهة والقدرة على ادارة امور الدولة بقدر عال المستوى لا سيما في بلد كالعراق رجال يعتد بهم، قادرون على تحقيق تطلعات شعبهم والناي به عن التجاذبات الاقليمية والدولية.
والله ولي التوفيق والسداد