لقاء الوكيل بالمرجع!! (الحلقة الأولى)

تشرّفتُ في هذه الليلة (ليلة الأثنين) 23/شهر صفر/1437 بلقاء خاص مع سماحة المرجع الربّاني آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله العالي) في مكتبه بمدينة قم المقدّسة، واستغرق ساعةً واحدة سمح لي مقامُه الرفيع بتبادل الحديث فيها حول مواضيع كثيرة فكرية وسياسية وحول أوضاع الأمة والشيعة والصراعات وحول خط المرجعية ومسؤليتنا الشرعية. سأنشر هنا ما تمّ الإستئذان في نشره وثلاث لقاءات قبله استغرق أحدها نصف ساعة ولقاءان آخران في عشر دقائق!!

* ملاحظة: ما تجدوه بين علامتَي ++ فهو توضيح إضافي منّي وليس من كلام سماحة السيد المرجع (دام ظله العالي) الذي سأنقله بالمعنى دون الألفاظ إلا بنسبة قليلة.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيم

 

* بادرني سماحته (دام ظله) أوّل ما جلس والبسمة على محياه قائلاً:

 

إن الحياة الدنيا جيدة للمؤمنين لأنها فرصتهم للتزوُّد بخير الزاد ليوم المعاد.. وتنتهي يوماً حين يجد الإنسان نفسه بين يدي عمله فقط.

تستحق الجنّة وراحتها وجوار محمد وآل محمد (صلوات الله عليه وعليهم أجمعين) ثمنها الغالي ندفعه ونحن في الدنيا +وهو العمل الدؤوب بقصد الإخلاص الحقيقي لله+ فإن الله لا يُخدَع في جنته. أسأل الله لي ولك التوفيق.

وفي لقاء عابر آخر بادرني سماحته ونحن واقفان فقال: لابد من الصبر يا شيخنا.. فالسفهاء كثيرون وليس لنا إلا الصبر الكثير ومواصلة الطريق، فقد كان منهم في أصحاب النبي فصبر وواصل وظفر، وكان منهم في أصحاب كل إمام فصبروا وواصلوا وظفروا.. وهكذا في أصحاب العلماء تجد مِن السفهاء مَن يمتحنهم الله بهم.. فهل يصبروا وهل يواصلوا ليظفروا، لا أدري حتماً مرّت عليكم هذه الرواية الشريفة وهي صحيحة سنداً ومتناً.. عن الحارث بن المغيرة قال، لقيني أبو عبد الله (عليه السلام) في طريق المدينة فقال: “مَن ذا أحارثٌ؟ قلتُ: نعم. قال: أما لَأُحمِّلنّ ذنوب سفهائكم على علمائكم…” إلى آخر الحديث.

+ تتمّة الحديث: ثم مضى فأتيتُه فاستأذنتُ عليه فدخلتُ فقلتُ: لقيتَني فقلتَ لأحمِلَنّ ذنوبَ سفهائِكُم على علمائِكم، فدَخَلَني مِن ذلك أمرٌ عظيم. قال: نعم ما يمنعُكم إذا بَلَغكُم عن الرجلِ منكُم مما تكرَهون وما يدخل علينا به الأذى أن تأتوه فتؤنِّبوه وتعذُلوه وتقولوا له قولاً بليغاً؟ فقلتُ له: جُعلتُ فداك إذاً لا يطيعوننا ولا يقبلون منّا. فقال: أهجُروهم واجتَنِبوا مجالسهم“+.

 

أضاف سماحة السيد المرجع قائلاً:

 

إنّ كل مكلّف لو عمل بتكليفه الشرعي بلا ضمّ الأهواء الشخصية فيه لكان خيراً له ولغيره في الدنيا والآخرة. هذه الحياة دار بلاء واختبار ولا محيص.

 

* وفي لقاء التوديع والذي طال ساعةً واحدة قلتُ لسماحته:

 

إنّ قلوبنا حزينة جدّاً على ما يجري من الظلم في كل مكان وحتى ممن لم نتوقع منهم.. يحدث ذلك وكلّنا في زمن الحروب مستهدفون بكل أنواع المخاطر في أكثر البلاد.. فتلك أوضاع سوريا والعراق واليمن ولبنان و

سيّدنا ما هو تحليلكم لهذه الأوضاع وما يجري في البلدان الإسلامية؟ وما هو الموقف المطلوب منّا؟

 

* السيد المرجع:

 

كل ما تراه من ظلم فقد كان في التاريخ وأكثر.. أنا لا أرى شيئاً جديداً من مسلسل الظلم والذبح.. إقرأ (موسوعة العذاب) فقد جمع مؤلفه في سبع مجلّدات الوجه الحقيقي لحكام بلاد المسلمين منذ الأمويين إلى العباسيين ثم العثمانيين وبعدهم مع ذكر المصادر الموثّقة.. ذكر مثلاً في مدينة حلب قبل كذا قرنٍ أنه اختلف حاكمها مع حاكم دمشق على مسئلة تافهة جدّاً جدّاً فجيّش الثاني على الأول جيشاً استباح المدينة وذبح النساء والرجال وقطع رؤوس الأطفال وصنع من الرؤوس منائر في الأماكن الرئيسية من المدينة.. وبنى الذبّاحون أطراف الرؤوس بحيث تكون الوجوه باتجاه المارّين ليخلق الرعب بين الناس!!

فما فعلوه سابقاً بالمسلمين وبالشيعة خصوصاً من جرائم يندى لها جبين الإنسانية كان أشنع مما يفعله أتباعهم اليوم مع فارق هو أن الشيعة في تقدّم كبير وستتحسّن أحوالهم إن شاء الله خلال العشرين سنة القادمة تقريباً، لأن العالَم أخذ يدرك مظلومية الشيعة وأنهم مسالمون وأعداءهم دمويّون وأن مذهبهم أقرب إلى العقلانية والقيم الإنسانية. وهذا ما يفرض علينا نشر التشيّع عبر الفضائيات بحكمة واستثمار كل إنجاز بإيجابية ليكون هذا الإسلام الصحيح هو البديل عن المزيّف الذي سوّقه الأعداء.

 

* هنا علّقتُ بقولي:

 

ولكن نأسف على حال البعض حيث لا يدرك هذه المرحلة ويخلط بين الغثّ والسمين ويمزّق الشيعة إما باسم توحيد الأمّة أو بدعوى الرافضية.

 

* واصل السيد المرجع يقول:

 

قبل فترة قليلة زارني أحد كبار علماء السنة الذي استبصر قبل سنين وعنده مؤلفات كثيرة حول التشيّع واهتدى على يده كثيرون، حتماً تعرفونه والتقيتم به.. جاء ومعه عالم مستبصر من بلده وقال أنه في زمن الحاكم السابق في بلده اعتقل بسبب عثور قوّات الشرطة على نسخة واحدة من كتاب (المراجعات) في بيته. يقول وأما اليوم بعد سقوط ذاك الحاكم أنه يقوم بطباعة هذا الكتاب ونشره بكل حرّية، والناس في طلب متزايد له. ثم طلب منّي لو ترسلوا 3000 مبلِّغاً إلى بلادنا لوجد كل مبلّغ مستمعين جيّدين من شعبنا أضعافاً مضاعفة فحوّلوا بلادنا خلال بضع سنين إلى التشيّع.

 

* وأضاف سيّدنا المرجع متسائلاً:

 

على مَن يجب أن يملئ هذا الفراغ ويستثمر الفرصة لتعريف الشعوب بإسلام محمدٍ وعليّ +ونحن نعلم أن المآسي كلها بسبب الإعوجاج في فهم الإسلام+؟!

أليس من واجبي وواجبك وأمثالنا تعريف الإسلام الذي أراده رسوله.. كلّنا مسؤولون غداً بين يدي ربّنا عزوجل إن لم نبلّغ لهذا الدين وننشغل بالتوافه. أنا متفاءل جدّاً بالمستقبل.. وأرى الأمور رغم السلبيات والمشاكل تتحرّك جيّداً وستنتج خلال عشرين سنة إن شاء الله تعالى.

تقرير:
عبدالعظيم المهتدي البحراني