لقاء الوكيل بالمرجع!! (الحلقة الثالثة)

* قلت له (دام عمره الشريف):


إنني منذ أكثر من (37) أعمل في تبليغ الإسلام الوسطي الذي قرأتُه في كتب أخيكم المرجع الراحل وتلقّيتُه من فكر سماحتكم وأمثالكم في هذا الخط الجامع المتوازن.. ودافعتُ عن هذا الإسلام الذي وجدتُه فيكم بما تملكونه من الوسطية والإخلاص والعلم والأخلاق.. وكما تعلمون فإن الساحة الإسلامية والشيعية اليوم تتقلّب في أزمات كثيرة، فما عدا الأسباب الخارجية (الإستعمارية) يعود مصدر الأزمات برأيي إلى سببين: التطرّف السياسي من جهة والتطرّف الديني من جهة أخرى!!
إنّ ما أتبنّاه في كتاباتي ومواقفي هو الخط العقائدي الولائي الأخلاقي السياسي المتصدّي لقضايا الأمة وهموم الشباب كما هو في كتبكم وخطبكم وأجوبة استفتاءاتكم، وهذا ما لا أراه في إعلام بعض الذين ينسبون أنفسهم لمدرستكم ذات الفكر المتعدّد الأبعاد.. حيث يطرحونكم في بُعدٍ واحدٍ أو بُعدَين!!

* السيد المرجع:


لا شك أنّ الإسلام يقف مع الوسط في كل شيء، لأن الإفراط والتفريط من إفراز الجهل.. نحن لا نؤيد التطرّف بكافّة أنواعه وندعم مشاريع التصدّي لأمور المسلمين.. إلا أنّ الأولوية دائماً كانت ولازالت لنشر الأسس العقائدية والأحكام الفقهية والمواعظ الأخلاقية. هكذا كانت سيرة أئمتنا الأطهار (صلوات الله عليهم وعلى جدّهم رسول الله).. فهناك أولويات.. وأولوياتنا حماية هذه الأسس.

+توضيح: الأولوية تعني إعطاء غيرها نسبة 30% مثلاً من الإهتمام. وهذا ما عليه الخط الشيرازي لو تابعنا برامج قناة المرجعية والمؤسسات الحقوقية والدراسات السياسية التابعة للسيد المرجع في أنحاء العالم، كما لا يخفى على المنصفين حضور وكلاء المرجعية ومقلّدي سماحته في الحشد الشعبي على الساحة العراقية وفي منطقة السيدة زينب وغيرهما، وكان دأب المخالفين لهذه المرجعية عدم إلقاء الضوء على أي حضور لها من هذا النوع مما جعل بعض الناس المشدودين لإعلامهم يجهلون ذلك.. ننصح بفتح قناة المرجعية ومتابعة نشرة الأخبار فيها مثلاً لمعرفة هذه الحقيقة+.

* هنا أضفت لسماحة السيد.. مُعلِّقاً:

وإحياء الشعائر لتوثيق الإرتباط بأهل البيت عموماً وبالإمام الحسين خصوصاً باعتبارهم محور الهداية والإستقامة على تلك الأسس التي تفضّلتم وهي تسدّد مسارات الفكر السياسي والعمل الإجتماعي وما أشبه. هذا ما أراه وأنا أتفهّم سبب العزوف عن العمل السياسي لدى كثير من أبناء التيّار حيث الضربات التي وجّهها إليهم المتحزّبون من الجماعات السياسية الشيعية من جهة، وفشل السياسيين في أكثر المشاريع من جهة، وتخبّطهم في الأمور العقائدية والولائية من جهة ثالثة.. ولذا شخصياً لا أقترب من السياسة إلا بمقدار التوجيهات العامة.. ولكن ماذا مع التطرّف والقشرية وهما الآفة التي تفتك بالوسطية والجامعية؟

* السيد المرجع:

أنا أقرأ بعض كتاباتك حسب وقتي وهي مفيدة لبناء جيل الإعتدال. ومع الأسف منذ القدم اعتاد بعض الشيعة على هدم بعضهم البعض.. وهذا هو المرض الذي ألّفتَ حوله كتابك (التسقيط). ماذا نعمل مع هذا الواقع غير النصيحة وبثّ الوعي.. علينا ذلك والباقي على الله تبارك وتعالى.

* قلتُ لسماحته:

سيّدنا.. عرفتُكم وأخاكم ذلك المرجع المظلوم الراحل وأبناء بيت الشيرازي وحتى الأحفاد قمماً في الأخلاق والحلم والوقار والتسامح والورع والتعامل الجذّاب مع الخصوم.. وعندما كنّا في السنوات السابقة ندافع عن هذا الخط ونفنّد مزاعم الحسّاد والخصوم نبدأ بذكر الجانب الأخلاقي الذي تفوّق فيه الشيرازيون باعتراف المنصفين من الخط الآخر.. ولكنّه مع الأسف نجد بعض الأشخاص يتركون دعواتكم إلى التعايش واحترام الآخرين واعتماد المناقشات البعيدة عن التنابز والتسقيط، يهمّنا أن لا تُخدَش صورة آل الشيرازي في تميّزهم الأخلاقي وتبقى هذه الصورة دلالةً على مظلوميّتكم!!

* السيد المرجع (دام ظله الوارف):

كثيراً تحدّثنا وكتبنا حول أخلاق الرسول والأئمة الطاهرين (صلى الله عليه وعليهم أجمعين) وأن انتصاراتهم ونجاحاتهم كانت بسلاح الأخلاق العظيمة التي تجلّت فيهم مع الصديق والعدو.. هذا المنهج هو ما ندعو للإلتزام به. وأنا أقترح لك أن تؤسّس قناة فضائية وتنشر هذا الفكر الإسلامي الموزون. الناس اليوم يتأثرون من الصوت والصورة أكثر من تأثرهم بشيء آخر. وقد ذكرت هذه الفكرة في إحدى محاضراتي وقلت من الجدير بكل مرجع من مراجع الشيعة أن تكون له قناة فضائية.. فلتكثر فضائياتنا ولتتنوّع بشتّى اللغات أيضاً في بيان الحق وهداية الشعوب.

* قلتُ له (دام ظله العالي):

صعوبات كثيرة تحيطني في إدارة مثل هذا المشروع +أشرتُ لسماحته إلى بعضها+.. ولكنّي أحاول بعون الله تعالى تسجيل محاضرات قصيرة لبعض قنواتنا الفعّالة ولاسيّما في مجال التعايش بعد غياب طويل.

سيّدنا المكرَّم.. لديّ حاجة كبيرة أردت أن أستشيركم فيها وأطلب إرشادكم لهذا العبد الذي أَحَبَّكم في الله.. حاجتي تتعلّق بمستقبل ما تمّ تأسيسه في بلدنا من حوزة علمية وحسينية ومسجد وجمعية ومكتبة للمطالعة العامة ومركز تحفيظ القرآن الكريم.. كيف أضمن من بعدي سلامة سيرها في نهجكم المتوازن ولا تضيع الجهود والأموال التي صُرفت طوال 15 سنة من عمر التأسيس؟

* السيد المرجع:

دائماً لما تريد حسم رأيك وموقفك وخاصة في الأمور الكبيرة إقرأ زيارة آل ياسين أو أي زيارة أخرى للسلام على وليّ الأمر صاحب الزمان (عجّل الله فَرَجَه) ثم صلّ ركعتي صلاة الحاجة وتوسّل به وأنت تطلب من الله إلقاء الجواب في قلبك. فستشعر ميلاً نحو القرار الصحيح. كما يمكنك الإستفادة من ولايتك الشرعية وقيموميّتك على هذه المشاريع في تعيين الصالحين من أصحابك. ومن الجيّد أن تنطلق إلى بلدان العالم، فكفائتك أوسع من حدود البحرين. بارك الله فيك.

* قلت لسماحته:

شكراً لكم سيّدنا الجليل على إتاحتكم لي هذا اللقاء الطويل من وقتكم الثمين والذي سأبلّغ جانباً منه لمحبّيكم وعموم الناس.. بعد إذنكم ورخصتكم.

* قال سماحته وهو يبتسم:

نعم.. إلا ما ليس منه للنشر. وأنا أدعو الله لك بكل خير.. بلِّغ سلامي للمؤمنين ولا تنساني من الدعاء.